السيناريو «البديل» الأسود

06:54 م | الثلاثاء 02 يوليو 2024

على مدار التاريخ الحديث شهدت مصر ٣ ثورات، الأولى لتغيير نظام الحكم، وفى المرتين الأولى والثانية استجاب الحاكمان لرغبة الشعب، حتى لا يتضرّر البلد ولا يُصاب الشعب بأذى.. الأولى عندما انتفض الجيش ضد النظام الملكى وانحاز له الشعب كله فى يوليو عام ١٩٥٢، ووقتها استجاب الملك فاروق لمطلب الشعب وتنازل عن العرش.

وقال فى خطاب التنازل: «نحن فاروق الأول ملك مصر والسودان.. لما كنا نتطلب الخير دائماً لأمتنا، ونبتغى سعادتها ورُقيها.. ولما كنا نرغب رغبة أكيدة فى تجنيب البلاد المصاعب التى تواجهها فى هذه الظروف الدقيقة، ونزولاً على إرادة الشعب، قرّرنا النزول عن العرش لولى عهدنا الأمير أحمد فؤاد، وأصدرنا أمرنا بهذا إلى حضرة صاحب المقام الرفيع على ماهر باشا، رئيس مجلس الوزراء للعمل بمقتضاه».

ولم تطلق رصاصة واحدة، ولم يُضَر أى مصرى، ورحل الملك من مصر فى سلام على يخت المحروسة!

والثانية فى عام ٢٠١١، ثار المصريون على نظام «مبارك» فى شهر يناير، وانحاز له الجيش، وفى فبراير من العام نفسه أعلن الرئيس مبارك تنحيه عن الحكم، وقال فى بيان التنحى الذى ألقاه نيابة عنه اللواء عمر سليمان:

«أيها المواطنون، فى هذه الظروف العصيبة التى تمر بها البلاد قرر الرئيس محمد حسنى مبارك تخليه عن منصب رئيس الجمهورية، وكلف المجلس الأعلى للقوات المسلحة لإدارة شئون البلاد، والله الموفق والمستعان».

ثم جاءت الثورة الثالثة يوم ٣٠ يونيو، عندما خرج الشعب المصرى فى مسيرات حاشدة تُعد الأضخم فى التاريخ، حيث ضمّت ٣٣ مليون مواطن، يطلبون إسقاط حكم الإخوان وإنهاء حكم مرسى العياط (الإستبن)، وانحاز الجيش للشعب مرة أخرى، ولكن فى هذه المرة لم يكن الرئيس والنظام المطلوب تنحيه مصرياً ولا وطنياً، بل كان إخوانياً.

ولا يعرف هو ولا جماعته معنى الوطن، فعقيدتهم يُلخصها قول مرشدهم السابق مهدى عاكف فى أحد حواراته: «طظ فى مصر والمصريين».. فلا قيمة لمصر عندهم، فرفض (الإستبن) المتهم فى قضية تخابر هو و٣٢ من جماعته التخلى عن السلطة، وكان السيناريو المطروح هو حرق مصر، وقتل المصريين، فلا مصر بلدهم ولا المصريون شعبهم.

ولم تكن الثورة وحدها تكفى لإسقاط الإخوان، بل كان لا بد من استكمالها، ببيان ٣ يوليو الذى وضع خريطة لمستقبل البلد، وكان ترجمة حقيقية لمطالب الشعب، ووضع آلية تنفيذ هذه المطالب.. وهو الذى مكّن الدولة من الوقوف فى مواجهة الإخوان وإحباط مخططهم.

وكان السيناريو البديل لو لم تستكمل ثورة ٣٠ يونيو يتلخص فى:

- تقوم ميليشيات الإخوان المحتلين بفرض سيطرتهم على المصريين بالقوة، ودفع البلد إلى حرب أهلية، فكل من ليس إخوانياً هو عدو ويجب أن يُقتل أو يُحاكم، وستظهر الأسلحة التى استخدموها فى قتل المتظاهرين فى أحداث ٢٥ يناير، ولكن هذه المرة لن يكونوا الطرف الثالث الذى يندس بين الناس ويقتلهم، بل سيُعلنون عن أنفسهم لنشر الخوف والرعب بين المواطنين.

- استكمال صفقة بيع سيناء، وإعلانها إمارة إسلامية، ثم تهجير أهل غزة إليها.

- إحراق المنشآت العامة، مثلما فعلوا بالمجمع العلمى بالتحرير واحترقت معظم محتوياته، فلم يتبقّ منها سوى 25 ألفاً من الكتب والوثائق من أصل 200 ألف وثيقة ومخطوطة نادرة كانت تمثل ذاكرة مصر منذ إنشاء المجمع عام 1798.

- إحراق بيوت الله «المساجد والكنائس» لإحداث الوقيعة بين المسلمين والمسيحيين.

- إحراق مؤسسات الدولة، كأقسام الشرطة والمحاكم، تماماً كما فعلوها فى أحداث يناير، وأحرقوا مجمع الجلاء للمحاكم بما فيه من أوراق ومستندات قضايا.

- شل حركة المواصلات والتحرّك بالاعتصام فى الميادين والمناطق الحيوية فى البلد، وهذا ما نفذوه بالفعل فى ميدان رابعة العدوية بمدينة نصر، وميدان النهضة بالجيزة.

- تفجير محطات المياه والكهرباء والسدود لإغراق البلد فى المياه والظلام، ووقف حركة الإنتاج ومعاقبة الشعب وإجباره على الرضوخ لحكمهم.

- تنفيذ سلسلة من الاغتيالات للشخصيات العامة والمسئولين والإعلاميين، وبالفعل اغتالوا المستشار هشام بركات، النائب العام، فى عملية تفجير دنيئة بالقرب من منزله.

- استمرار العمليات الإرهابية فى سيناء، وهذا ما قاله البلتاجى فى تصريح علنى من مقر اعتصام رابعة: «ستتوقف العمليات فى سيناء فور عودة الرئيس مرسى للحكم».

١١ عاماً مرت، وأصبحت مصر فى مكانتها الصحيحة، ولم يتمكن الإخوان من تنفيذ السيناريو الأسود، وذلك بفضل الله الذى أنقذنا من طغيانهم، وبفضل ذلك الشعب الواعى الذى اختار الأفضل والأقدر على حمايته وإدارة شئونه.

حفظ الله مصر وشعبها وجيشها ورئيسها..