الشعب وجد من يحنو عليه

07:51 م | الجمعة 28 يونيو 2024

لم يكن سقوط الإخوان عن عرش مصر سقوطاً سياسياً فحسب، بل كان سقوطاً على الطغيان باسم الدين، سقوطاً لنمط حياة: (دستور وإعلان دستورى بعده يمنحان الرئيس سلطات إلهية مطلقة، ضرب القضاء فى مقتل وتجميد سلطاته، ميليشيات ومرتزقة تمزق جسد الوطن).. إلخ ما اعتبرناه -آنذاك- احتلالاً وليس حكماً مدنياً.

«هذا الشعب لم يجد من يحنو عليه».. كانت عنواناً لبيان القوات المسلحة فى 3 يوليو 2013.. فلماذا ارتبط الناس بهذه الجملة تحديداً وكأنها بطاقة تعريف لوزير الدفاع (رئيس الجمهورية حالياً) وهو يتلو بيان 3 يوليو؟ لقد بدأت العلاقة الإنسانية بين الرئيس «عبدالفتاح السيسى» وشعبه بشفرة خاصة لخّصت مواجعهم، كل أزمة وكل موقف، كل مؤامرة حيكت لمصر فى الداخل أو الخارج، كانت تلخصها جملة عبقرية من أحد الجانبين.. وربما يكون قلمى طرفاً فى مواجهات وأزمات عديدة خلال عمر ثورة 30 يونيو، وثقتها من قبل، واليوم أستدعى بعضها، ربما نكتشف معاً سر صلابة هذا الوطن بقيادته وشعبه وقواته المسلحة.

«لو لم يكن للسيسى إنجاز إلا تحرير مصر من الإخوان لدخل التاريخ».. هذه العبارة كثيراً ما تتردد، خاصة عندما يجد المواطن نفسه فى أزمة، (تبعات الإصلاح الاقتصادى نموذجاً)، إنه يتذكر فضل القائد الذى حرره من مرتزقة الإخوان، من ميليشياتهم ودستورهم ومرشدهم الملعون.. هذا المواطن يسمع خطاباً مختلفاً:

«تسلمت مصر أشلاء دولة».. هكذا قالها الرئيس بكل وضوح، ونحن من ضحى بالإصلاح السياسى 30 عاماً ثمناً لفتوحات «مبارك» بفساده واستبداده و«وريثه»!. فإذا بها دولة غارقة فى «مستنقع أنفاق» يطوّق مصر، بعضها مفتوح لتهريب الأسلحة وتصدير الإرهاب لنا.. والآخر يتدفق سيلاً من الفساد والفاسدين.

(قسماً بالله ما أسيب لابنى جنيه.. واللى بياخدوا مال الدولة ويروحوا يحجوا «حرام»).. احسب أنت كم تكلفت مصر فى عملية الحرب على الإرهاب من أرواح جنودنا، احسب حجم القضايا التى ضبطتها هيئة الرقابة الإدارية، وكم مسئولاً وقع فى قبضتها.. ومساحة أراضى الدولة المنهوبة التى استردتها.. وساعتها ستدرك صعوبة الحرب على الإرهاب والفساد معاً.

«30/6 يا كامل».. مجازاً يمكنك أن تعتبر هذه الجملة مفتاح عملية التنمية التى غيرت وجه مصر، ضع بين قوسين حجم ما استدانته مصر من قروض، ثم قيّم المشروعات التى تخدمك أنت وأولادك وأحفادك: قناة السويس الجديدة، أنفاق قناة السويس، العاصمة الإدارية الجديدة، المطارات، شبكة الطرق والمواصلات، مدينة جبل الجلالة، المساكن الحضارية لسكان العشوائيات، اكتشافات النفط والغاز، القواعد العسكرية الجديدة، تجديد شرايين القوات المسلحة بأحدث النظم العسكرية.. إلخ.. قل إنك لن تأكل أو تشرب من الأسفلت.. ستأكل وتشرب وتعلّم أولادك وتداوى نفسك من «الاستثمارات» التى ضاعفت سعر متر الرمل فى صحراء مصر، من «المستثمر» الذى يحتاج إلى عمالة كثيفة، من المشروعات التى توفر الوظائف وتقضى على البطالة.. التقط أنفاسك، فصبراً جميلاً.

الحرب الأوكرانية أنهكت الاقتصاد المصرى والعالمى فتضاعفت الأسعار بشكل جنونى وازداد العبء على الحكومات.. أما الحرب على غزة فأصبحت اختباراً سياسياً تخوضه مصر كل دقيقة بمحاولة عقد الهدنة والانسحاب الإسرائيلى من غزة، هذا بخلاف إدخال المساعدات الإنسانية ومشقتها. أضف إلى ذلك أن ماكينة إرهاب الإخوان وأذرعها الإعلامية لم تتوقف لحظة عن حربنا: «إما نحكمكم.. أو نقتلكم».. قالها أحد أكبر قيادات الإخوان يوم 21/6 فى اجتماع بالرئيس «السيسى» -وقتما كان وزيراً للدفاع- وقال الإخوانى القيادى: ستجدون من مختلف أنحاء العالم مقاتلين يقاتلونكم.

«مصر تحارب الإرهاب نيابة عن العالم»: إنها أخطر وأهم المعارك التى خاضها «السيسى» لتطهير مصر من البؤر الإرهابية التى استوطنت سيناء، وسوف تلمح الدموع فى عيون الرئيس صبيحة كل عيد وهو يحتضن أبناء الشهداء الأبرار.

لكن لا يزال فى هذا البلد من يريد أن يقتلنا بـ«تراثه».. من يريد أن نركع لأصنامه.. أن نقدسه بزعم أنه يمتلك صكوك الغفران وأن يكون لهذا الوطن رئيس دينى يحكمنا باسم «الشريعة»!

هذا الشعب لم يفهمه إلا الرئيس «السيسى».. فك شفرته وأدرك أنك تحكمه بإرادته.. وأن الثورة تعنى له الحياة ولهذا يحارب ويبنى ويغنى.. فتذكروا جيداً أننا بحاجة لما سماه الرئيس «ثورة فكرية» ليستعيد الإنسان المصرى هويته الأصلية التى حاولوا طمسها بتسييس الدين.

اصرخ على السوشيال ميديا من الغلاء الذى ضرب العالم.. من نقص الأدوية.. من انقطاع الكهرباء.. فلديك الآن من يستمع لصوتك ويهتم بمطالبك ويضع المواطن المصرى فى عينيه، لأنه تحمل مسئولية من تعرى فى برد العشوائيات ومن جاعت من الفقر ومن سُجنت بإيصالات أمانة.. هذا الشعب بكل أطيافه وأزماته واحتياجاته وأحلامه وطموحاته قد وجد «من يحنو عليه».. حتى وإن كانت تلبية المطالب صعبة أو تحتاج لوقت يكفى أنها فى رقبة «السيسى»