سماسرة «الحج» مسئولون عن موت الحجاج

07:26 م | الجمعة 21 يونيو 2024

كان رد فعل الرئيس السيسى سريعاً وفعالاً بعد الحوادث التى تعرض لها الحجاج المصريون غير النظاميين، حيث أمر بتشكيل خلية أزمة لمتابعة حالات المصابين وإنهاء إجراءات نقل جثامين المتوفين، وبالتحقيق فوراً مع شركات السياحة التى تسببت فى هذه الحوادث المؤسفة والمؤلمة.

الحكاية بدأت من عندنا عندما استغلت بعض شركات السياحة وجمعيات «تحت السلم» شغف الكثيرون -وبخاصة البسطاء- بزيارة بيت الله الحرام، وأداء فريضة الحج واستكمال الركن الخامس فى الإسلام، ما دام استطاعوا له سبيلاً.

والسبيل إلى الحج فى مصر يكون بالاستطاعة المادية، ثم اختيار طريقة السفر، إما مع «حج القرعة» التى تنظمه وزارة الداخلية، أو حج «الجمعيات» التابع لوزارة التضامن، والاثنان تضمنهما الدولة ضمانة كاملة منذ المغادرة حتى العودة، مروراً بمناسك الحج والسكن والتنقل.

والوسيلة الثالثة شركات السياحة، والرابعة الجمعيات الأهلية «تحت بير السلم».. وطبعاً هناك شركات سياحة محترمة وتحافظ على سمعتها ولها خبرة فى تنظيم رحلات الحج وتلتزم بالإجراءات والقواعد التى وضعتها وزارة السياحة، وقلة منها هى التى تنصب على الحجاج «الغلابة» وتغريهم بالسعر المنخفض، مستغلة سذاجتهم وشغفهم بالسفر، ويقومون بتسفيرهم «بتأشيرة زيارة»، وليست للحج، وعندما يصلون إلى السعودية يتوهون ويصبحون كاللاجئين، بلا مطوف ولا وسيلة تنقل ولا أماكن للمبيت فى منى، ويكون مصيرهم المأساوى هو المبيت فى الشارع، وفى كل الأحوال لا يهمهم سوى أداء المناسك بغض النظر عن المعاناة و«البهدلة» التى يواجهونها.

ولكن هذه المعاناة بلغت هذا العام منتهاها، فعدد كبير من هؤلاء الحجاج توفى وآخرون أصيبوا.خلية الأزمة التى أمر بتشكيلها الرئيس السيسى لمتابعة أوضاع الحجاج المصريين، بدأت عملها على الفور، لتسهيل إجراءات نقل جثامين المتوفين، ومتابعة حالات المصابين لحين تعافيهم وعودتهم.كما بدأت إجراءات التحقيق مع الشركات التى تحايلت لتنظيم سفر الحجاج بشكل غير رسمى.

وظنى أن أقل ما يجب اتخاذه تجاه هذه الشركات هو:- وقف نشاطها ومنعها من تنظيم رحلات للحج أو أى رحلات أخرى لأنها «نصابة»، فمن ينصب على حجاج من السهل عليه أن ينصب على سائحين.

- محاسبة أصحابها والمسئولين عنها بتهمة القتل غير العمدى والإصابة غير العمدية للحجاج المصريين، بالإضافة إلى تلويث سمعة شركات السياحة المصرية المحترمة.

- إلزام هذه الشركات بدفع تعويضات لأسر المتوفين وللمصابين.وذلك حتى يكونوا عبرة لكل من تسول له نفسه النصب على المصريين، واستغلال ترخيص منحته له الدولة لمزاولة نشاط شرعى، فى النصب على المصريين.

واقترح أن يتم استحداث نظام جديد لسفر الحجاج المصريين، بحيث يتم التأكد أن جميع الإجراءات سليمة، وتنبيه أى مصرى مغادر بتأشيرة غير تأشيرة الحج، بأنه سيتعرض للترحيل إذا كان مسافراً للحج بتأشيرة زيارة.

**أعرف أن الشغف واللهفة لزيارة بيت الله الحرام والمسجد النبوى وأداء فريضة الحج قد تدفع البعض إلى سلوك أى طريقة حتى لو كانت غير شرعية، وهذه القضية يجب أن يتصدى لها علماء الدين ليبينوا للناس أنه لا يمكن تأدية الفريضة دون اتباع الطرق الشرعية وإلا وقعت شبهة الحرمانية فى الحج.. فمن شروط صحة الحج أن يتأكد المقدم على الحج من أمان الطريق وأمان على النفس -تصريح للشيخ على جمعة، مفتى مصر السابق-

ولأن أصحاب «تأشيرات الزيارة» لا يكونون مدرجين فى كشوف الحجاج بمصر أو السعودية، فإنهم لا يتلقون أى خدمات لا فى وسائل التنقل، ودرجات حرارة الجو تتجاوز الأربعين والمسافات بين المشاعر كبيرة، ولا يتلقون خدمات صحية ولا لوجيستية من بعثات الحج الرسمية سواء التابعة لوزارة الصحة أو السياحة أو التضامن أو الداخلية، وبالتالى يتعرضون للموت أو الإصابة، وأنا لا أحمّل المتوفين من الحجيج المسئولية، فالمسئولية كاملة تقع على شركات السياحة النصابة التى غررت بهم، وأوهمتهم بتوفير كل سبل الراحة.

إلى الآن لم يتم الإعلان عن أعداد المتوفين والمصابين، حيث يتم رصدها من خلال بلاغات الفقد التى تتلقاها غرف العمليات التى تم تشكيلها، فكل هذه الحالات لحجاج غير نظاميين لا تعرف السلطات المصرية أو السعودية عنهم شيئاً.وطبقاً لتصريحات المسئولين فإن عدد الوفيات فى بعثة السياحة المصرية ١٠ فقط وتم إنهاء جميع الإجراءات الخاصة بهم فوراً، وأعلنت وزارة الصحة أن إجمالى عدد حجاج البعثة الرسمية ٥٠ ألفاً توفى منهم ٢٨ حاجاً.

*لا بد أن تحل هذه الأزمة من جذورها لأنها ستظل قائمة طول العمر، ولا بد من تسليط الضوء وإبراز العقوبات التى ستقع على شركات السياحة المخالفة حتى تكون عبرة لكل من تسول له نفسه التلاعب بالمشاعر الإيمانية للمصريين واستغلالهم.

ولا بد أن تعمل حكومة الدكتور مصطفى مدبولى الجديدة بعد تشكيلها بالتنسيق مع مجلس النواب على سن قانون يتضمن القواعد الصارمة لتنظيم سفر الحجاج لضمان أمانهم وعدم تسرب حجاج مصريين غير نظاميين مرة أخرى.رحم الله من مات وشفى من أصيب.