«نكتة» سر عدم وقوع انقلابات في أمريكا!

07:06 م | الإثنين 17 يونيو 2024

سأل مواطن أمريكى صديقه: لماذا تحدث انقلابات فى كل الدول، ولا تحدث عندنا؟

فرد عليه قائلاً: لأنه لا توجد عندنا سفارة أمريكية!

قد تبدو الإجابة فى ظاهرها نكتة، لكنها للأسف حقيقة واقعة، فلا يوجد بلد فى العالم يتعرّض لقلاقل أو انقلاب أو أزمات أو ثورات إلا وكانت أمريكا سبباً أو طرفاً فيها.

واذا استعرضنا المشهد المأسوى الفوضوى الذى يحدث فى العالم ستتأكد صحة هذه «النكتة»، أقصد «الحقيقة».

ولنبدأ بالدولة التى كانت نداً للولايات المتحدة، والتى لا تستطيع مواجهتها عسكرياً بشكل مباشر، حيث قامت بالدفع بمخائيل جورباتشوف إلى رئاسة الاتحاد السوفيتى وهيّأت له بأن تحقيق الرفاهية لشعب الاتحاد السوفيتى فى تفكيكه، فصدّق الرجل وكان وراء انفصال الجمهوريات السوفيتية، وأصبحت الآن روسيا.

وعندما تولى بوتين حكم روسيا، راوده حلم إعادة مجد الإمبراطورية السوفيتية، وأمريكا ترصد ذلك عن كثب، فأغرت أوكرانيا -التى كانت إحدى جمهوريات الاتحاد السوفيتية قبل انفصالها- بضمّها إلى حلف الناتو، وهرولة الأخيرة لطلب الانضمام، وهو ما دفع الرئيس الروسى بوتين لأن يشن حرباً على أوكرانيا لحماية الأمن القومى لبلاده.

ولذا عندما وضع بوتين شروطه للسلام ووقف الحرب كان أولها تخلى أوكرانيا عن طلبها الانضمام للناتو، وطبعاً هذا ما رفضته أوكرانيا بعد مشاورة الولايات المتحدة، فإطالة أمد الحرب سببها الرئيسى والأوحد هو استمرار مد أوكرانيا بالسلاح من قِبل أمريكا وأوروبا، لأن الحرب هى التى تستنزف موارد روسيا.. وغير خافٍ على أحد أن أمريكا كانت أيضاً وراء تمرد يورى فيجينى قائد مجموعة فاجنر على بوتين، وكادت قواته أن تدخل روسيا، لكن الرئيس الروسى احتوى الموقف، وأحبط التمرد.. وانتهى الأمر بتحطم الطائرة التى كانت تقل فيجينى!

وكذلك دعم أمريكا لتايوان وتعمّد إرسال مسئولين رفيعى المستوى إلى تاييى نكاية فى الصين، وتأجيج الخلاف بين البلدين، للتأثير على الاقتصاد الصينى، المنافس الاقتصادى الأول لواشنطن.

ومساندة أمريكا اللامحدودة لإسرائيل هى السبب الرئيسى فى عرقلة جهود السلام وتمكين تل أبيب من تنفيذ حرب الإبادة والتهجير القسرى للشعب الفلسطينى، وفى الوقت الذى سيتوقف فيه هذا الدعم ستضطر إسرائيل إلى الجلوس على مائدة المفاوضات وقبول حل الدولتين.

تزعم أمريكا لتحالف البحر الأحمر لمواجهة الحوثيين، بحجة الحفاظ على أمن البحر الأحمر، أدى إلى التأثير سلباً على حركة التجارة العالمية، وارتفاع أسعار السلع وتأخر وصولها، بعد أن اضطرت السفن لأن تسلك طريق رأس الرجاء الصالح، وقيام شركات التأمين على البضائع بزيادة رسوم التأمين.

وقد أعلنت واشنطن منذ يومين أنها أنفقت مليار دولار حتى الآن على عملياتها البحرية فى البحر الأحمر، رغم أنها لا تحارب روسيا ولا الصين ولا قوى عظمى، وإنما تحارب «جماعة»، دون أن تحقّق أى انتصار عسكرى يُذكر، واقتصرت إنجازاتها العسكرية على قتل المدنيين فى اليمن، بحجة ضرب معاقل الحوثيين، وهذا يؤكد أن هدف أمريكا الرئيسى ليس حماية الملاحة، ولكن السيطرة على المضايق البحرية، وعرقلة مشروع طريق الحرير الصينى، والتأثير على الملاحة فى قناة السويس.. ولكى تصبح مهيمنة على هذه المنطقة الحيوية فى العالم، وتصبح شرطى المضايق.

أمريكا هى التى موّلت إيران سراً ضد العراق فى حرب الخليج الأولى -وهذا ما كشف عنه كتاب (الحجاب)، الذى كتبه بوب وود ورد، مفجر فضيحة ووترجيت، ونشر فيه ما أطلق عليه فضيحة إيران كونترا، بينما كانت تدعم العراق علناً.

وبعد انتهاء الحرب أوعزت إلى صدام بغزو الكويت، ثم اختلقت قصة وهمية عن وجود أسلحة دمار شامل فى العراق فغزتها واحتلتها، وأدارت محاكمة هزلية للرئيس صدام حسين، انتهت بإعدامه شنقاً يوم عيد الأضحى، ووقتها رفضت الإدارة الأمريكية تأجيل تنفيذ حكم الإعدام، حتى تُرسل رسالة إلى كل الدول بأنها تفعل ما تريد وبقسوة، حتى يخضع العالم لها، واستوطنت القوات الأمريكية فى العراق واستولت على ثرواتها البترولية، منذ عام ٢٠٠٣ وحتى الآن، ولن تخرج منها، ولن تسمح للعراق بأن تعود دولة قوية وغنية مرة أخرى.

أمريكا كانت وراء الانقسام والانقلاب فى سوريا، وإشعال فتيل الحرب الأهلية فيها.

أمريكا هى التى كانت وراء الأزمة فى ليبيا وانقلاب الشعب الليبى على رئيسه معمر القذافى، وهى من أمرت «الناتو» بشن الغارات الجوية على ليبيا وقصفها وقتل معمر القذافى، ودخول البلاد فى فوضى عارمة لم تخرج منها حتى الآن، للاستيلاء على مواردها النفطية.

أمريكا هى التى شجعت قائد قوات الدعم السريع على التمرد ضد الجيش فى السودان، وتسبّبت فى الحرب الضروس التى تدور رحاها فى السودان الشقيق، وخلفت وما زالت آلاف القتلى والمشردين واللاجئين، وتقف من بعيد متفرجة فى العلن، ومحرّضة فى الخفاء على استمرار الحرب، إلى أن يصفى الاثنان بعضهما، ثم تدخل الشركات الأمريكية للاستيلاء على مناجم الذهب التى كانت تسيطر عليها مجموعة فاجنر الروسية، ثم تضع يدها على السودان كلها.

كل ثورات الربيع العربى كانت وراءها أمريكا تطبيقاً لنظرية «الفوضى الخلاقة»، التى ابتدعها المستشرق اليهودى برنارد لويس والقائمة على إحداث الفوضى وإسقاط الأنظمة لقيام نظام جديد -موالٍ لها- على أنقاض الدولة.. وكانت كونداليز رايس وزير الخارجية فى إدارة الرئيس الأمريكى بوش (الابن) أول من روج وتبنى هذه النظرية.

أمريكا لا تهدم الدول بالقنابل والطائرات والمدافع فقط، بل تسقطها أيضاً بالدسائس والمؤامرات والوقيعة بين الحاكم والشعب، وبين طوائف الشعب بعضها البعض.