إلا مصر.. فزاعة الإرهاب بعد معاداة السامية وخطاب الكراهية

07:27 م | الإثنين 03 يونيو 2024

بدأ الكيان الإسرائيلى الاستعمارى فى استخدام فزاعة (الإرهاب)، بعدما ظل أكثر من نصف القرن وهو يستخدم فزاعة معاداة السامية وخطاب الكراهية، لكل من يراه عقبة ضد مطامعه وممارساته اللاإنسانية، أو حتى منتقداً لها.. طلبة الجامعات فى أمريكا وكل أنحاء العالم لم يسلموا من اتهامهم بمساندة الإرهاب لمجرد أنهم خرجوا يعترضون على حرب الإبادة والمجازر التى تُرتكب ضد الشعب الفلسطينى الأعزل، وحرق وذبح الأطفال!

وكذلك لم تسلم منظمة «الأونروا» التابعة للأمم المتحدة من تهمة مساندة الإرهاب، لأنها تغيث الشعب الفلسطينى.

حتى بايدن رئيس أمريكا وراعى إسرائيل الأول اتهمه بن خافير وزير الأمن القومى الإسرائيلى، بمساندة الإرهاب، لأنه طرح مبادرة هدنة مع حماس، وقال عنها: «صفقة بايدن معيبة وتنتصر للإرهاب».

ولعل التعريف المطاط للإرهاب الذى وضعته الأمم المتحدة هو الذى دفع قوات الاحتلال البربرية لأن تستخدم هذه الفزاعة ضد أى شخص وأى جهة، حيث ينص التعريف على أنه أى أعمال إجرامية يُقصد أو يُراد بها إشاعة حالة من الرّعب بين عامة الناس أو جماعة من الأشخاص أو أشخاص معينين لأغراض سياسية!

ولأن الأمم المتحدة لم تستثنِ حركات المقاومة الوطنية ضد المحتل من هذا التعريف، فأصبحت الدول الاستعمارية كإسرائيل تتهم «المقاومين» بأنهم إرهابيون، رغم أنهم يمارسون حقهم الشرعى الطبيعى والفطرى فى الدفاع عن أوطانهم.

وظنى أن أى مقاومة تظل محتفظة بهذا اللقب طالما تمارس نشاطها داخل محيط وطنها ضد المحتل أو المستعمر الأجنبى، ولكن إذا قامت بأى أعمال خارج حدود بلدها فى أى مكان آخر تصبح أعمالها إرهابية.

وبالتالى فإن الطرح الإسرائيلى ووصفها أعمال المقاومة الفلسطينية ضدها بأنها إرهابية معيب وكاذب، وإلا كان كل المحرّرين لبلادهم إرهابيين أمثال «جورج واشنطن»، مؤسس الولايات المتحدة، لأنه حارب الاستعمار البريطانى، و«سيمون بوليفار»، لأنه حرّر أمريكا اللاتينية من المستعمرين، و«عمر المختار» محرّر ليبيا من الاستعمار الإيطالى، و«عبدالكريم الخطابى» الثائر ورأس المقاومة المغربية ضد المستعمر الإسبانى والفرنسى، وكذلك الثائرون المصريون العظماء أحمد عرابى وعمر مكرم ومصطفى كامل.

وأعتقد أن الاتهام الذى وجّهته إسرائيل إلى منظمة «الأونروا» لإغاثة وتوظيف الفلسطينيين، بأنها إرهابية، ينصرف على الأمم المتحدة لأنها إحدى أذرعها، للمساعدة والإغاثة، وكما نجحت إسرائيل فى وقت سابق بوقف الدعم الأوروبى لهذه المنظمة، فإنها ستسعى جاهدة مرة أخرى للى ذراع الأمم المتحدة، وتهديدها بوقف الدعم الذى يقدّم إليها من أمريكا، لإجبارها على نزع أحد شرايين المساعدات للشعب الفلسطينى.

قد تنجح إسرائيل فى لى ذراع أى دولة أو منظمة دولية.. ولكنها لا تجرؤ على الاقتراب من مصر، فبعد احتلالها رفح وسيطرتها على المعبر (الفلسطينى)، أغلقت مصر المعبر من ناحيتها منذ اليوم الأول، معلنة رفضها التعامل مع الجانب الإسرائيلى فى ما يتعلق بالمعبر، وخلال الاجتماع الأمنى المصرى الأمريكى الإسرائيلى بالقاهرة أمس الأول، وضعت مصر شروطاً حاسمة لإعادة فتح المعبر، كما جاء على لسان مصدر لقناة (القاهرة الإخبارية)، وتضمنت الشروط:

- انسحاب إسرائيل من المعبر ومن محيطه نهائياً.

- إعادة تسليم المعبر للجانب الفلسطينى.

- عدم التدخل من الجانب الإسرائيلى فى تدفّق دخول المساعدات من المعبر.

وهى شروط واضحة وتصب فى مصلحة فلسطين، لأنها تعيد سيادتها على المعبر، وتُفشل المحاولة الإسرائيلية فى طمس الهوية الفلسطينية من رفح، وتؤكد على الثوابت المصرية فى الدعم الأزلى غير المحدود للحق الفلسطينى فى أرضه، وعدم تهجيره قسرياً، وإقامة دولته وعاصمتها القدس الشرقية.

لوت إسرائيل ذراع أمريكا والأمم المتحدة ولكنها -أبداً- لن تُفلح مع مصر، سواء بالمناورات السياسية، أو نشر الأكاذيب، كما ادّعت أن مصر عرقلت دخول المساعدات إلى غزة، أو أنها غيّرت صيغة ورقة وقف الحرب، أو إدخال أسلحة إلى غزة، كل ذلك لا يحرك مصر قيد أنملة عن ثوابتها وانحيازها للحق والعدل وإقرار السلام، وحفاظها على أمنها القومى.

عندما أغلقت مصر المعبر من ناحيتها أعلنت ذلك صراحة، وعندما تقدّمت بصيغة لوقف الحرب كانت صادقة ووسيطاً شريفاً، وإسرائيل هى من نقضت الوعد بالموافقة، وهى التى تراجعت عما أقرته، بدليل أنها أرسلت صيغة لوقف إطلاق النار.

وأعلن بايدن فى خطاب علنى قائلاً: إنه تلقى اقتراحاً إسرائيلياً بوقف النار لمدة ٦ أسابيع وتبديل عدد من الرهائن الإسرائيليين بأسرى فلسطينيين، وما إن انتهى بايدن من خطابه حتى ثار الوزراء المتعصبون ورفضوا الاقتراح الإسرائيلى، وكأننا أمام مشهد هزلى (إسرائيل ضد إسرائيل)، فما يريده نتنياهو وأعوانه ضد منطق العالم كله، ويلوى الحقائق، وضد ما يريده العالم كله، ملوحاً بالقوة الأمريكية المفرطة التى يستخدمها وقتما يشاء بالكيفية التى يراها، وكأنه يُحرّك عرائس الماريونت.

تظل مصر هى الدولة الوحيدة التى لا تخشى فزاعات إسرائيل.

سقط قناع إسرائيل، وثبت هشاشتها أمام مقاومين يستخدمون الحجارة وأسلحة بدائية، ولولا أمريكا لسقطت إسرائيل منذ زمن بعيد كما سقط قناعها.