22 عاما من المعاناة.. كيف عاشت أسرة أول حالة زراعة رئة في مصر قبل العملية؟

أسرة سحر ربيع تتحدث لـ«الوطن»

أسرة سحر ربيع تتحدث لـ«الوطن»

06:39 م | الثلاثاء 20 ديسمبر 2022

تصوير - فادي عزت

ما يقرب من 22 عاما عاشتها سحر ربيع «28 عاما»، مع مرض الالتهاب الرئوي، الذي أُصيبت به في السادسة من عمرها، فلم تتمتع بطفولتها مثل هؤلاء الذين يلهون ويلعبون في هذه السن المبكرة، إذ قضت أوقات الطفولة في العلاج من الالتهاب.

بداية إصابة سحر بالمرض

عاشت سحر طفولتها بين أجهزة التنفس الصناعي، وقبل 10 سنوات من إجراء العملية الأصعب في الشرق الأوسط، لم تستطع الاستغناء عن جهاز التنفس الصناعي حتى خلال تناولها الطعام أو شرب المياه، وأصبحت تستهلك أنبوبة أكسجين كل 3 ساعات، وكل الآراء أجمعت على إجراء عملية زراعة الرئة.

منذ ذلك الحين، بدأت سحر ربيع وأسرتها، التي تتكون من 4 أشقاء دونها، في التردد على المستشفيات ذهابا وإيابا في محافظة الفيوم، آملين أن ينالوا مبتغاهم في عودة حياتها لطبيعتها والتنفس دون أي معوقات.

جاءت سحر إلى القاهرة، منذ عامين؛ لتبدأ رحلة جديدة من العلاج، استلزمت قرارات «صعبة ومصيرية» بحسب وصف ربيع فرحات والد «سحر» لـ«الوطن»، وبدأت بمستشفى القصر العيني، إلى أن وصلت لـ عين شمس التخصصي، وأخبرهم الأطباء بحاجتها لـ «أول زراعة رئة في مصر والوطن العربي».

قرار جديدة وجب على الأسرة اتخاذه بعد إجماع الأطباء على أن سحر تحتاج لزراعة رئة، تبدأ هذه العملية بوجود متبرعين أحياء؛ ليخلق هذا القرار قبل اتخاذه حالة من الحيرة الشديدة لدى أسرة سحر.

هنا بدأت تجهيزات مستشفى عين شمس التخصصي لعملية تعتبر الأصعب من نوعها، بحسب وصف الأطباء، في فترة باتت كافية لاتخاذ أشقاء سحر قرارا بالتبرع لها بفصين من رئتيهما.

6 شهور متواصلة من التفكير والحيرة والقلق، تلك هي الفترة التي شهدتها الأسرة قبل إجراء العملية، ما بين القلق على سحر ورغبتهم المُلحة في عودتها للحياة بشكل طبيعي، والقلق على شقيقيها اللذين قررا التبرع لها: «كدا 3 مرضى مش واحدة بس».

قرار التبرع بفصي الرئة 

«قضيت 6 شهور مش عارف أنام الليل»، هكذا وصف ربيع فرحات «55 عاماً»، الفترة التي سبقت إجراء العملية، فهو لا يريد إلزام أبنائه «كامل وجمعة» على التبرع بفص من رئة كل منهما، وفي نفس الوقت يأمل أن تعود سحر لحياتها الطبيعية، خاصة وأن «كامل وجمعة»: «بيصرفوا على البيت ومش عايز أضرهم في حاجة ومعاهم عيال».

لم يتوان «كامل وجمعة» في التبرع لشقيقتهما، فبمجرد أن طرح الأطباء عليهما هذا الأمر، وافقا، ووافقت زوجة كل منهما أيضا: «يا إما نعيش إحنا الثلاثة أو نموت إحنا الثلاثة».

في عصر يوم، عاد جمعة ربيع، من عمله في البناء، واستقبلته والدته بخبر التبرع لشقيقته، موضحة: «عرضت عليه الموضوع وأنا مش قادرة أمسك نفسي بس مفيش في إيدي حاجة»، وأكدت الأم في تصريح لـ«الوطن»، أنه وافق على الفور.

خضع «كامل 31 عاما، وجمعة 26 عاما»، لفحوصات وتحاليل لا تقل قيمة عن التي خضعت لها سحر قبل إتمام العملية، وجميعها أكدت توافق الأشقاء الثلاثة في الجينات، الأمر الذي اعتبرته الأسرة بداية «خير».

الجميع على أهبة الاستعداد، الأشقاء وافقوا على التبرع، والمستشفى أنهى جميع الإجراءات الخاصة بإجراء العملية، وأشابت الوجوه، فرحة ممزوجة بقلق؛ الأولى لإتمام الإجراءات وقرب الشفاء، والثانية الخوف على حياة هؤلاء الأشقاء من إجراء العملية.

في ساعات متأخرة من الليل، تنظر سامية بليدي، والدة سحر، لابنتها عاجزة عن فعل ما يُريحها، خاصة وأنها لم تتمكن من النوم بشكل طبيعي، نتيجة للالتهاب الرئوي: «بقوم بالليل مش عارفة أعمل إيه معاها وأمنيتي ترجع بيتنا بالسلامة».

تحملت سامية بليدي، والدة سحر، التي رافقتها في رحلة مرضها منذ سن 6 سنوات، مسئولية رحلة العلاج مع ابنتها، تُصّبر نفسها بالدعاء لها ولأشقائها، فهو الوسيلة الوحيدة والمخرج لها مما هي فيه: «صعبانة عليا بنتي مكنتش عارفة تنام كويس خالص».

14 ديسمبر الجاري، أجرت سحر، عملية زراعة أول حالة رئة في مصر والشرق الأوسط من متبرعين أحياء، ورسمت الفرحة على وجه أسرتها، وفي مثل هذا اليوم، رُزق كامل ربيع، بطفلة، قررت سحر تسميتها بـ«فرح»: «فرحة إتمام العملية وفرحة مجيئها للحياة».

وتأمل سامية بليدي، عودة كل من سحر وكامل وجمعة لبلدهم «الفيوم»، متمنية أن يحصل كل من نجليها على وظيفة تكون مصدر رزق لهم.

رسمت إتمام العملية، فرحة أزالت خوف وقلق سنوات طويلة في الصراع مع المرض، على وجه أسرة سحر ربيع، معبرين، عن شكرهم لأطباء مستشفى عين شمس التخصصي: «الأطباء والتمريض لم يتوانوا لحظة واحدة في خدمتنا وقدموا لنا رعاية صحية جيدة في كل وقت».

جمعة فرحات، عم سحر ربيع، الذي كان خير عون للأسرة بداية من رحلة علاجها في الفيوم حتى مثولها للعملية الأصعب: «كلهم إخواتي وبتمنى يرجعوا بألسف سلامة وحاولت أخدمهم على قدر استطاعتي».

بعد إتمام العملية، أعرب كامل ربيع، في حديثه لـ«الوطن»، عن سعادته البالغة بإتمام العملية: «أفدي أختي الوحيدة بحياتي.. وأنا على أتم الاستعداد لخدمتها»، وهو المتبرع الأول لشقيقته بفص من رئته: «شقيقتي مرت بظروف صحية صعبة، خاصة آخر 6 سنوات مضت ولم أتوان في التبرع بفص من رئتي»، مقدما الشكر لأعضاء الفريق الطبي بمستشفى عين شمس التخصصي لأنهم لم يتوانوا لحظة في خدمتهم بأفضل الرعاية الصحية.  

 

اقرأ المزيد:

عرض التعليقات