حقا.. حكومة جديدة بحجم التحدي

05:02 ص | الخميس 04 يوليو 2024

من الإنصاف أن نؤكد أن المصريين استقبلوا التغيير الوزارى الكبير بكل سعادة وتفاؤل وأمل فى غد أفضل.. فعلى مدار الأربع وعشرين ساعة الماضية، اشتعلت مواقع البحث لمعرفة كل كبيرة وصغيرة عن تاريخ الوزراء الجُدد وخبراتهم ومؤهلاتهم التى وضعتهم فى بؤرة اختيار أهم حكومة من وجهة نظرى فى تاريخ مصر، يعقد المصريون عليها الآمال أن تكون بحجم الجمهورية الجديدة.

وأن تكون بحجم التحديات، وأن تُخفّف الأعباء عن المواطنين، وأن تُحسّن الخدمات وتدفع الاقتصاد إلى الأمام، وأن تعمل بنفس أداء ونشاط وحركة الرئيس عبدالفتاح السيسى، وأن ينزل الوزراء إلى الشارع، ليقفوا بأنفسهم على المشكلات والتحديات، ويعملوا على حلها بسياسة «الباب المفتوح»، بعيداً عن المكاتب المكيّفة وبطانة الشر الذين يضعون جداراً عازلاً بين الوزراء والمواطنين، ويفرضون على المسئولين وصاية وخارطة طريق مدمرة لا يحيدون عنها بعد إقناعهم بأنهم يعملون لصالحهم!

وكمواطن مصرى فى المقام الأول، وكصحفى مهموم بقضايا وطنه، تابعت خلال الساعات والأيام الماضية عن كثب نبض الشارع المصرى وآماله وأحلامه وتطلعاته، وتابعت ردود الفعل حول كل اسم تم ترشيحه لحقيبة وزارية.. وتابعت من قبل ومن بعد استجابة الرئيس عبدالفتاح السيسى لنبض الشارع بإجراء تغيير وزارى وتغيير محافظين يُعد الأكبر فى العقود الأخيرة.. أستطيع أن أجزم بأن الوزراء الجُدد الذين تضمّنهم التشكيل الوزارى الجديد تم اختيارهم بعناية، ويتميزون بالكفاءة والإخلاص والقدرة على أداء المهام المكلفين بها.

تضم الحكومة الجديدة 31 وزارة، من بينها 28 وزارة تخصّصية، و3 وزارات سيادية.. تم استبعاد 20 وزيراً، واستمرار 8 وزراء فقط، كما تم تعيين 23 نائباً للوزراء و32 نائباً للمحافظين، بينهم 9 سيدات.

تميّزت الحكومة الجديدة بزيادة نسبة الخبرات الدولية والإقليمية إلى 35% من أعضائها، وشهد متوسط أعمار الوزراء انخفاضاً ملحوظاً، حيث أصبح متوسط الأعمار 56 عاماً بعد أن كان فى الحكومة السابقة 64 عاماً، وتضم 6 وزراء أعمارهم أقل من خمسين عاماً، و10 وزراء تتراوح أعمارهم بين 50 و65 عاماً، و14 وزيراً أعمارهم تتخطى الستين عاماً، ويُعد المستشار عدنان الفنجرى، وزير العدل الجديد، أكبر الوزراء سناً، حيث يبلغ عمره 71 عاماً، ويُعد شريف مجدى شربينى، وزير الإسكان والمرافق والمجتمعات العمرانية أصغر الوزراء سناً، ويبلغ عمره 42 عاماً.

والسؤال الذى يفرض نفسه ويجب أن نتوقف ويتوقف الوزراء والمحافظون أمامه طويلاً لماذا كانت هذه الرغبة الجامحة فى إجراء تغيير كبير فى معظم الوزراء والمحافظين؟ ولماذا شعر المواطنون بأريحية بعد إبعاد الكثير من المسئولين السابقين عن المشهد؟ وهل ينجح الوزراء والمحافظون الجدد فى إصلاح ذات البين وتحقيق الآمال والطموحات للشعب المصرى والرئيس السيسى فى تحقيق نهضة تنموية اقتصادية تنعكس بالإيجاب على حياة المواطنين؟

بقراءة سريعة فى التغيير الوزارى وأسماء وتاريخ المسئولين الجُدد أستطيع أن أؤكد حالة التفاؤل السائدة الآن، وأجزم أن القادم أفضل، كما وعد الرئيس عبدالفتاح السيسى، وأستطيع أن أستعير مانشيت جريدة «الوطن» الصادرة أمس، وأؤكد أنها «حكومة بحجم التحدى».

نعود للإجابة عن الأسئلة التى طرحتها وأؤكد أن سر السعادة يكمن فى إبعاد وجوه تسبّبت فى إحداث أزمات كبيرة خلال الشهور الأخيرة، وتسبّبوا بقراراتهم فى زيادة معاناة المواطنين، ولم يستجيبوا لاستغاثاتهم وأنينهم وكأنهم من كوكب آخر كما حدث فى قطاعات التموين والكهرباء والتعليم والحج والسياحة والصناعة والزراعة والمالية والبترول.

أما سر السعادة والتفاؤل، فيرجع إلى الدقة الشديدة فى اختيار الوزراء والمحافظين الجدد هذه المرة.. جميعهم أسماء مرموقة لهم تاريخ مشرف وسابقة أعمال ناجحة فى كل المناصب التى تقلدوها من قبل.

ها هو الرئيس عبدالفتاح السيسى، القائد الأعلى للقوات المسلحة، يصدر قراراً بتعيين اللواء أركان حرب عبدالمجيد صقر محافظ السويس السابق، وزيراً للدفاع وقائداً عاماً للقوات المسلحة، بعد أن أصدر قراراً بترقيته إلى رتبة الفريق أول، ويُعد الفريق أول عبدالمجيد صقر أحد قادة القوات المسلحة العظام، ويمتلك تاريخاً ناصعاً وخبرات كبيرة، وحقّق نجاحات عظيمة فى كل المهام التى أُسندت إليه خلال عمله مساعداً لوزير الدفاع، ورئيساً للشرطة العسكرية.

وهذا هو الدكتور شريف فاروق، وزير التموين والتجارة الداخلية الجديد، حقّق نجاحات مُذهلة فى تطوير منظومة مكاتب البريد وإحداث طفرة كبيرة فى الخدمات التى تقدّمها  حالياً الهيئة للمواطنين، وعمل رئيساً لبنك ناصر الاجتماعى.

وهذا أسد الدبلوماسية المصرية الجديد السفير بدر عبدالعاطى الذى أسعدنى اختياره، حيث التقيت به فى برلين أثناء عمله سفيراً لمصر لدى ألمانيا، وكان شعلة نشاط، مما دفع أنجيلا ميركل لأن تمنحه أرفع وسام ألمانى، كما أنه يمتلك من الخبرات الكثير لقيادة الدبلوماسية المصرية فى ظروف عالمية صعبة وعالم يموج بالصراعات والأزمات.

أما بلدياتى الدكتور أسامة الأزهرى، وزير الأوقاف الجديد، ابن مركز المراغة بسوهاج، والذى حظى خبر اختياره بسعادة كبيرة من مختلف أطياف المجتمع المصرى، حيث يعقد الجميع عليه آمالاً عريضة فى إحداث نقلة نوعية فى ملف تجديد الخطاب الدينى وإدارة ملف الأوقاف.

وهذا هو المهندس شريف الشربينى، وزير الإسكان والمرافق والمجتمعات العمرانية الجديد، والذى يُعد أصغر وزير فى الحكومة الجديدة، لكنه يمتلك خبرات كبيرة وحقّق نجاحات عظيمة فى كل المناصب التى أسندت إليه من قبل، وآخرها رئاسة جهاز العاصمة الإدارية الجديدة، وهو من الشخصيات المشهود لها بالكفاءة، والتميّز فى العمل بين زملائه، ومعروف عنه التفانى فى العمل ودماثة الخُلق، وله معدلات إنجاز كبيرة فى المشروعات القومية بالمدن الجديدة.

وهذا هو حفيد المشير أحمد إسماعيل، وزير التربية والتعليم الجديد، الذى يُعلق عليه الملايين من أولياء الأمور الآمال فى إحداث نهضة حقيقية فى التعليم، حيث يُعد أحد كوادر المدارس الخاصة، ليصبح أول شخصية من كوادر المدارس الخاصة، وله تجارب ناجحة من قبل فى مدارس تمتلك سمعة طيبة فى مصر.

وهذه هى الدكتورة مايا مرسى، وزيرة التضامن الاجتماعى الجديدة، التى حقّقت نجاحات كبيرة أثناء عملها كرئيسة للمجلس القومى للمرأة فى الأول منذ عام 2016، وهى أصغر سيدة من حيث العمر تتولى هذا المنصب، وعملت رئيساً لفريق العمل الإقليمى لبرامج وسياسات تمكين المرأة فى المركز الإقليمى للدول العربية التابع لبرنامج الأمم المتحدة الإنمائى ورئيسة لمكتب هيئة الأمم المتحدة للمرأة بمصر.

ولأن لكل مجتهد نصيباً، فقد شهد التعديل الوزارى الجديد تعيين الدكتورة منال عوض، محافظة دمياط السابقة، وزيرة للتنمية المحلية، كأول سيدة فى تاريخ مصر تتولى هذا المنصب، والحقيقة أننى كنت معجباً بأدائها جداً أثناء شغلها منصب المحافظ وتفوقت على الكثير من المحافظين الرجال وأتوقع أن تشهد وزارة التنمية المحلية طفرة فى عهدها.

القائمة الذهبية

من الإنصاف أن نؤكد أن الدكتور مصطفى مدبولى رئيس الوزراء بذل جهوداً فوق العادة، ويمتلك تاريخاً مشرّفاً وسجله ملىء بالإنجازات وتنتظره فى الولاية الجديدة ملفات من العيار الثقيل يراهن عليه الرئيس السيسى فى حلها، وأولها الأزمة الاقتصادية وغلاء الأسعار وانقطاع الكهرباء.

أما الوزراء المستمرون فى الحكومة الجديدة فهم الأكثر كفاءة وإخلاصاً والأكثر إنجازاً لمهام وزاراتهم فى الحكومة السابقة، ويُعد استمرارهم فى الحكومة الجديدة ضرورة ليواصلوا رحلة الإنجاز، وليُشكلوا مجموعة متجانسة تعمل بجد واجتهاد، من خلال سياسات جديدة فى تنفيذ تكليفات الرئيس عبدالفتاح السيسى.

يأتى فى مقدمة هؤلاء اللواء محمود توفيق، وزير الداخلية، الذى سيذكر التاريخ أن مصر قضت على الإرهاب فى عهده بعد معركة طاحنة استمرت عدة سنوات، قادها بكل حكمة واقتدار الرئيس عبدالفتاح السيسى، وشارك فيها أبطال قواتنا المسلحة الباسلة.

أعرف اللواء محمود توفيق وزير الداخلية، خير المعرفة، وأشهد أنه من أفضل وزراء الداخلية الذين عرفتهم خلال ٣٧ عاماً من العمل الصحفى، ويتميز بدماثة الخلق ويعمل فى صمت، وحقّقت وزارة الداخلية فى عهده أكبر الإنجازات الأمنية، حيث يسود مصر الأمن والاستقرار، وأصبحت التجربة المصرية فى مكافحة الإرهاب مثالاً يُحتذى به عالمياً، ويتم تدريسه فى كبرى الجامعات والمعاهد الأمنية العالمية.

أما صاحب الرئات الثلاث الفريق كامل الوزير وزير النقل والمواصلات، الذى تمت ترقيته إلى منصب نائب رئيس الوزراء وإسناد وزارة الصناعة إليه، فالجميع يعلمون أنه بذل جهوداً خارقة، وكان يصل الليل بالنهار، ويمكن أن يتناول طعام الإفطار بالقاهرة والغداء فى أسوان والعشاء فى سيناء، مواصلاً الليل بالنهار، وحقّق كل تكليفات الرئيس بنجاح واقتدار، وكانت مكافأة الرئيس له إسناد وزارة من أهم الوزارات إليه، وهى وزارة الصناعة لما لها من أهمية عظمى، حيث تُعد قاطرة التنمية والازدهار، وكلى ثقة أنه سيُحقّق نهضة صناعية كبرى تعبر بمصر إلى بر الأمان، وهو قادر على ذلك.

كما أسعدنى جداً استمرار الصديق العزيز المقاتل الدكتور أشرف صبحى، الذى يُعد نموذجاً فريداً فى الإدارة وحقق إنجازات تتحدث عن نفسها، وأثق أنه سيواصل النجاح فى أداء دوره ورسالته فى ملف من أهم الملفات التى تُبنى بها الدول، وهو ملف الشباب والرياضة، الذين يعول عليهم فخامة الرئيس عبدالفتاح السيسى فى بناء الجمهورية الجديدة.

كما لاقى استمرار وزير الصحة الدكتور خالد عبدالغفار فى مهام عمله وزيرا للصحة مع ترقيته نائبا لرئيس الوزراء ارتياحا كبيرا، وتُعقد عليه آمال عريضة فى تحقيق نهضة شاملة فى المستشفيات وإنجاز الملفات الموضوعة على طاولة الوزارة.