ماذا نفعل في مصر منذ 2014؟! ملحمة.. انتهت بالقضاء على أخطر أمراض المصريين!

06:40 م | الأربعاء 26 يونيو 2024

قبل سنوات وفى صحيفتين مختلفتين إحداهما يومية.. ورغم عدم تخصصنا فى الملف الطبى لكننا أدرنا حملة على مرض فيروس «سى» الشرس بعد انتشاره وقتها بشكل مقلق ومؤلم.. وبعد أن تابعنا عن قرب حالات لأقرباء أو لآباء أو لأمهات لأصدقاء وزملاء وتابعنا المعاناة المريرة التى للأسف لا يعانى معها المريض وحده.. بل أسرته كلها. وأحياناً عائلته أو زملاء العمل ممن يتعاملون مع الأزمات الصحية الطارئة التى تحدث فجأة من تداعيات المرض الذى لم يكن له وقتها علاج فعال ولا حاسم مع المرض الذى كانت صحة مرضاه تتدهور حتى لو ببطء.. فكانت دورة المرض المؤسفة حتى النهاية المفجعة المعروفة، حيث تبدأ بإصابة المريض بالفيروس عن طريق نقل دم ملوث فى عملية جراحية أو استخدام أدوات حلاقة ملوثة أو الحقن بمحاقن تحمل المرض أو الاختلاط الكثيف مع أحد المرضى أو اختلاط جرح بجرح لمريض يحمل الفيروس.. وهكذا حفظ المصريون طرق الإصابة وعرفوا التطور التالى من تليف كبدى يكبر ويصيب الكبد كله ثم يؤدى إلى أورام خبيثة أو إلى دوالى فى المرىء يجعل صاحبه ينزف لسنوات حتى اللحظة التى لا يجدى معها شىء ولا حتى حقن المرىء الذى اعتبر تطوراً مهماً لكنه ظل تطوراً يؤجل المأساة ولا يشفى من المرض!

كانت الأرقام مزعجة للغاية.. حتى المتفائل منها فأى رقم يتناول نسبة المرض بين المصريين كانت تعنى فى أقلها وجود عدة ملايين.. بما يعنى ضغطاً اجتماعياً رهيباً وضغطاً صحياً كبيراً على المؤسسة الطبية وضغطاً أيضاً على قوة العمل التى يخصم منها عطاء المرضى ممن تأخذهم دورة العلاج بعيداً عن أى شىء لأجساد ضعيفة غير قادرة على العمل وتعافر مع الحياة بصعوبة!

للأمر بُعد آخر وهو سمعة مصر سواء فى السياحة والحديث عن مجتمع عليل، وكذلك سمعة العمال المصريين الذاهبين لأكل العيش فى الخارج والتى يشترط فيها وجود شهادة خلو من الفيروس وكذلك الفيروس الآخر الشرس أيضاً «بى»!

المرور السابق للتذكرة التى تنفع المؤمنين كما أنها لإدراك قيمة ما وصلنا إليه اليوم من القضاء على المرض! القضاء عليه وليس فقط التصدى له والتعامل معه إلى الحد الذى أدهش العالم وحوّل الأزمة إلى ميزة تتمتع بها بلادنا التى أصبحت مركزاً دولياً للتعافى من المرض وتحول الأمر إلى تنظيم برامج صحية تعلن عنها شركات السياحة فى أوروبا معناها «زر مصر وعد بغير فيروس سى»، ثم تفاصيل عن الأسبوع وتكلفته وكيف ستحصل على «كورس» العلاج وزيارة الأماكن السياحية الشهيرة ثم العودة إلى بلادك لاستكمال العلاج فى بيتك!

تيم كولمان مخرج وسيناريست وكاتب بريطانى روى كيف أنقذت مصر حياته من المرض! وغيره وغيره.. ولذلك نندهش ممن يقولون ماذا فعلنا فى السنوات العشر السابقة ويتناسى إنجازات عديدة منها هذا الإنجاز الرائع التاريخى!

والنتيجة النهائية تقول تدخلت الدولة فى عام 2018 تحت عنوان «المبادرة الرئاسية للقضاء على فيروس سى والأمراض غير المعدية»، وقد حدث هذا التطوير نتيجة وجود وسائل للاكتشاف السريع لفيروس «سى».. وبذلك فى 2018 و2019 تم فحص 60 مليون شخص مصرى، أدخلنا نتائجهم على المنظومة الصحية.. وبذلك أصبح لدى وزارة الصحة معلومات عن كل شخص أكثر من 18 سنة.. خلال ذلك انخفضت نسبة انتشار الفيروس بنسبة أقل من 5% بعدما كانت تصل إلى 22% وبذلك وصلنا للمعدل المطلوب الذى كانت تستهدفه منظمة الصحة العالمية فى 2030 ولكننا حققناه سريعاً فى 2020! أى عشر سنوات كاملة من عمر المرض وشعبنا!

مصر فحصت 87% من المتعايشين مع المرض وقدَّمت العلاج الشافى إلى 93% منهم وهو ما يتجاوز الغايات المحددة للمستوى الذهبى العالمى وهى تشخيص 80% منهم وتوفير العلاج لما لا يقل عن 70% ممن تم فحصهم قدمت الدولة العلاج لـ3 ملايين تقريباً منهم مجاناً!

فى ملحمة تستحق التوقف أمامها.. وقد توقفنا أمامها!