نتغلب على الصعوبات

07:22 م | الثلاثاء 25 يونيو 2024

دخلنا فى أجواء الاحتفال بذكرى ثورة الثلاثين من يونيو، التى ستظل مصدر إلهام طوال التاريخ المصرى، وقد شهد العالم أجمع تفرد هذه الثورة، التى شارك فيها ما بين خمسة وثلاثين مليوناً إلى أربعين مليون مواطن، بأنها لم تقم بدعوة من حزب أو شخصية سياسية، بل ما أثار فضول العالم أجمع وما زال بدون جواب، هو طبيعة الشعب المصرى الذى يتحد متصدياً لأى خطر يهدد المحروسة وكأن «قائد» الثورة وزع خلاياه على الملايين التى شكلت أكبر تجمع بشرى فى التاريخ، فتم فرض الإرادة المصرية بإسقاط سيطرة جماعة الإخوان المسلمين التى قدمت أصدق صورة لهذه الجماعة فدق جرس الإنذار الذى دوّى داخل القلوب والعقول.

فكان قرار النزول إلى الشارع وقرار التضحية، حتى بالروح، لإنقاذ الوطن مما كان يخطط له الأعداء وبثقة عملائهم التامة فى مساندة هؤلاء لتنفيذ كل ما تم دفع جماعة الشر إلى قمة السلطة فى سبيل تحقيقه، ومن هنا جاء وصف «إن الشعب المصرى مالوش كتالوج» ويستحيل التنبؤ بقراراته الحاسمة فى مواجهة أعتى الأزمات وأقسى المخاطر.. وقد تعرضت مصر وما زالت تتعرض لضغوط مستمرة، فيكفى إلقاء نظرة على حدودنا الملتهبة فى غزة والبحر الأحمر والحدود مع ليبيا ومع السودان.

 

وفى هذه الأيام تعالت الأصوات بصدد تخفيف أحمال الكهرباء بقطع التيار لبضع ساعات يومياً.. ومن حق المواطن أن يتساءل هنا: لماذا لا تشركه الدولة وتقنعه بتحمل العبء ولكن بتوعية تامة من الدولة؟ ومن ثم لا بد من إخطاره بجميع الخطوات، فليس مقبولاً أن يفاجأ أحد بالتعلق فى مصعد فجأة، فيكون بين السماء والأرض، كما جسد ذلك عبقرى السينما الواقعية المخرج الراحل صلاح أبوسيف، وكذلك ليس مقبولاً أن تقطع الكهرباء بلا سابق إنذار فى حالات الطهى أو المذاكرة أو فى كل ما يعتمد على التيار الكهربائى، هو ما يكاد أن يكون شاملاً لكل مناحى الحياة تقريباً، مثل ضخ المياه ووصولها إلى الطوابق المرتفعة، وإذا أخذ المواطن علماً فسوف يحتاط ويخزن ما قد يحتاجه من المياه.

إن الكهرباء باتت عنصراً أساسياً فى مسار الحياة العصرية، ومن ثم لا يعقل أن يتخذ المسئول قراراً بقطع الكهرباء وهو جالس على مقعد القرار، وهو ما لفت الانتباه إليه سيادة الرئيس عبدالفتاح السيسى الذى كلف الحكومة بمراعاة احتياجات المواطنين وتنبيههم بمواعيد انقطاع التيار.. وأعتقد أن هناك أموراً كثيرة قد تبدو هامشية بالنسبة للمسئول ولكنها فى غاية الخطورة، مثل فوضى المرور والتى تكلف الوطن آلاف الضحايا، وقد قرأت، لا أذكر أين، أنه تقرر إنشاء إدارة جديدة للمرور، وبالتأكيد أن هذا قرار تأخر كثيراً، ولكن كما يقول المثل: «أن تأتى متأخراً خير من ألا تأتى أبداً».. قلت منذ نجاح ثورتنا الرائعة إن الرئيس السيسى، الذى شاورت عليه قلوبنا وامتثل هو بنبل لا مثيل له، قد ورث خرابة، أى بيت سقفه هابط وبلاطه مخلع وجدرانه مائلة، وبذا يصعب أن أطالبه فى اليوم الثانى بالقصر.. إن القصر يجرى بناؤه بحماس ونشاط حتى شهد القاصى والدانى بأن ما تم إنجازه فى عشر سنوات بعد الثورة كان يحتاج إلى مائة عام.. لقد عبرنا فى الثلاثين من يونيو من هوة الإحباط واليأس إلى آفاق رائعة تعيد لمصر مكانها ومكانتها، وكما وعد الرئيس: «أم الدنيا ستصبح بإذن الله وبوعى أبنائها أد الدنيا..».