30 يونيو.. «ثورة في الوعي» و«يقظة للضمير الوطني»!

07:17 م | الخميس 20 يونيو 2024

قولوا - وسيقولون - عن ثورة ٣٠ يونيو ما يريدون.. فهى أكبر تحرك شعبى مصرى، وهى تحرك جماهيرى لاستعادة مصر من عصابة مجرمة، وهى تصحيح مسار لما جرى فى ٢٥ يناير إلى عشرات التوصيفات الأخرى.. لكن وفى حقيقة الأمور هى ثورة حدثت فى وعى المصريين وفى وجدانهم بعد أن راحت السكرة وجاءت الفكرة، وبات كل مصرى حتى ممن منح صوته للجماعة الإرهابية على سبيل التجربة.. نقول بات كل منهم يسأل نفسه: ماذا جرى؟! ماذا حدث؟ أين نحن؟! من نحن؟! كيف وصلت «الإرهابية» إلى حكم المحروسة؟! وكيف ستبقى محروسة وهى فى يد عصابة مجرمة يقودها سفاحون وقطاع طرق وأفاقون وكذابون ومزورون؟! ماذا فعلنا فى بلدنا؟! ماذا فعلنا بمصر.. مصرنا؟! بل ماذا فعلنا بأنفسنا؟! كيف سلمنا روحنا لمسجلين خطر سياسيين تاريخهم نعرفه وتعرفه الدنيا؟! حلقات متصلة من الإجرام وضحايا من شعبنا على مر العصور وتآمر على الوطن وقادته ومنشآته وأمنه وجيشه ومؤسساته؟!

تعامل مع جملة أجهزة مخابراتية فى وقت واحد يشكلون مقدمتها فى مخططاتها ومؤامراتها على بلادنا كما قال الفرنسى «تيرى ميسان»، وكما قال الأمريكى «تيم واينر» فى كتابه الأشهر «إرث من الدماء» عن عمليات وعملاء المخابرات الأمريكية فى أكثر من نصف قرن!! وفى كتاب «مسجد فى ميونيخ» لـ«أيان جونسون»؟؟ وقبلها اعترافات للإرهابى أحمد عادل كمال فى كتابه «النقط فوق الحروف» وفى «أحداث صنعت التاريخ» للإرهابى محمود عبدالحليم وعند على عشماوى فى مذكراته وعند أحمد رائف فى «بوابته السوداء» وفى مجمل اعترافات الأثر الرجعى التى جاءت تباعاً وأهمها ما جاء حراً بإرادة أصحابه، خصوصاً بعدما ظنوا أن حكم مصر قد دان لهم للأبد فتباهوا بحادث المنشية بعد إنكار لأكثر من نصف قرن فى بلاهة كاملة ممن صدقوهم؟! ألم نقرأ لرفعت السعيد رحمه الله؟! ولفرج فودة رحمه الله؟! ولغيرهم وغيرهم ممن اشتبكوا طوال حياتهم مع هذه الجماعة ولم يقبلوا هدنة ولا استراحة ينذرون ويحذرون وينبهون؟!.. بل وعند من تركوا الجماعة وفروا منها لأسباب أيديولوجية وليست فيزيائية. أى بقناعة تامة وكاملة وقالوا وشرحوا ووصفوا وحمدوا الله على رحلتهم البائسة وعودتهم السالمة من سرقة عقولهم وغياب وعيهم واختلاس إرادتهم، من ثروت الخرباوى إلى مختار نوح ومن أحمد بان إلى سامح عيد ومن سامح فايز إلى هيثم أبوزيد وغيرهم وغيرهم وغيرهم!!

كيف سلمنا بلدنا إلى هؤلاء؟! هكذا صار حال كل مصرى..!!! كيف ذهبت ومنحتهم صوتى لأجربهم؟! وهل فى مستقبل الأوطان تجارب؟! هل تترك البلاد للتجربة؟! ألم نشاهد التجارب حولنا وفى البلاد العربية الشقيقة؟! ألم تستقبل الجماعة دبابات الاحتلال الأمريكى فى العراق، ووقف قادة الحزب الإسلامى محسن عبدالحميد وطارق الحسن وشركاؤهما يرحبون ويتعاونون؟! ألم نر ما فعلوه بجنوب السودان من عنصرية بغيضة وإهمال لكونهم غير مسلمين ولا عرب إلى حد أصبح الانفصال لا مفر منه ولا مفاوضات تجدى للعدول عنه فانقسم السودان الشقيق؟! ألم نسمع عما جرى فى شمال السودان نفسه من إهمال وتراجع وضياع ثروات الأشقاء رغم موارده وإمكانياته وهو ما نشاهده اليوم بكل أسى فى المعارك هناك من بلد بلا أى مقومات وشعب حرموه من كل شىء؟! ألم نشاهد ونعرف ونقرأ ما جرى فى الجزائر الحبيبة فيما اسمى «عشرية الدم» أى عشر سنوات من الدماء والإرهاب من أجل السلطة، راح ضحيتها عشرات الآلاف من الشعب الشقيق؟!

نقول لكم.. والحق أقول.. إن كل ذلك جال فى عقول المصريين.. عضوا أصابع الندم ظن الغيظ.. بل وما هو أقسى من الغيظ.. وكان القرار فى دواخلنا جميعاً أن لا نهدأ ولا نرتاح إلا باستعادة الوطن السليب المختطف مرة أخرى.. هؤلاء لا علاقة لهم أصلاً بالدين وشعاراتهم للتمكين من السلطة فحسب.. فـ«الإسلام هو الحل» شعار حق يراد به باطل. شعار فضفاض دون تفاصيل بما لا يجدى فى حكم الشعوب والأمم.. وهو ما جرى فعلاً حيث أنكروا بعد اختطاف السلطة بأيام أنه لا هناك مشروع «للنهضة» ولا غيره إنما كانت عموميات فضفاضة تشكل أحلاماً للجميع!!!

ثم انكشفت الأنياب الحقيقية خلف الابتسامات الصفراء.. وتحولت الوعود إلى وعيد.. والتلويح إلى قتل فى الشارع واختطاف لنشطاء وتحطيم منصات فى التحرير واعتداء على سيدات بعضهن فى عمر جدة المعتدين ووصلنا إلى «جبنة نستو يا معفنين»!!!

كل ذلك.. كله.. تسبب فى فوران داخل كل واحد على أرض مصر.. ومجموع هؤلاء كان الشعب المصرى العظيم الذى خرج فى ثورة وعى حقيقية ويقظة ضمير نقية.. ليسترد ما ضاع وإنقاذ ما قد يضيع.. فكان التصميم على أى تضحيات.. لا إرهاب ميليشيات وعصابات الشاطر ترهب أحداً أو تخوف أحداً.. ونظم الناس أنفسهم.. بعزائم ذاتية غير مسبوقة.. وكل منهم يقول «لو لم نخرج اليوم فلن نخرج أبداً.. وإذا لم تسترد مصر اليوم فلن نستردها أبداً».. وكانوا -وكنا- على حق.. فمصر فى المضمون والشكل والروح تتغير وتتبدل.. وسيصعب استعادتها من أيدٍ لا تتورع أن تفعل أى شىء لتبقى فى السلطة.. وهنا.. لولا يسر الله لهذا البلد من يحمى شعبها ليثور ويخرج ويتصدى لما نجحت كل الجهود والتضحيات التى توافرت.. لولا رجال صدقوا الله ما عاهدوه ما عادت مصر.. ولهذا حديث آخر..

كل عام وشعبنا ومصرنا وجيشنا وشرطتنا ومخابراتنا ومؤسساتنا بكل خير.