طال انتظارنا

08:38 م | الثلاثاء 18 يونيو 2024

منذ قبل الرئيس السيسى استقالة حكومة الدكتور مصطفى مدبولى وكلفه بتشكيل الحكومة الجديدة ونحن ننتظر بشوق هذا التشكيل.. لقد عملت الحكومة المستقيلة فى ظل ظروف قلَّ نظيرها فى العالم، حيث تتسارع علامات التغيير الجذرى بصدد نظام عالمى جديد يسدل الستار نهائياً على حقبة القطب الواحد، الذى انفردت به الولايات المتحدة الأمريكية ما يقرب من قرن من الزمان وخدعت العالم بالترويج يومياً عن حرصها على قيم الحرية والعدالة وحقوق الإنسان، وهو ما أثبتت ممارساتها مدى معاداتها له.

 

فـ«واشنطن» دمرت عدة دول عربية بتدخلات عسكرية؛ فى العراق وليبيا وسوريا، وباءت بعض محاولاتها بالفشل، خاصة فى مصر، وفى اعتقادى أن مجازر إسرائيل فى قطاع غزة بينت ذلك إلى حد بعيد.. ونذكر جميعاً أن بداية فشل إسرائيل فى تحقيق هدفها فى غزة كتبه بخطوط من فولاذ قرار الرئيس عبدالفتاح السيسى برفض التهجير القسرى لفلسطينيى القطاع إلى شبه جزيرة سيناء المصرية، وبذلك إفشال مخطط تصفية القضية الفلسطينية.

 

ورغم وحشية حرب إسرائيل فى القطاع ودعم «واشنطن» لها بالأسلحة الفتاكة وتعطيل أى قرار أممى لصالح إقامة دولة فلسطينية على حدود يونيو ٦٧ وعاصمتها القدس الشرقية، بالفيتو الأمريكى الكريه.. ولأن إسرائيل هى فى الأساس أداة لعدوان ومخططات الولايات المتحدة، وهو ما لم يكن واضحاً للأغلبية الساحقة من شعوب العالم، بما فيها الشعب العربى، فقد نزع صمود الشعب الفلسطينى فى غزة القناع الأمريكى الزائف، وكذلك زيف الأكذوبة الصهيونية بوصف الجيش الإسرائيلى بالقوة الخارقة والكفاءة الأسطورية، فللشهر التاسع على التوالى لم تحقق إسرائيل هدفاً واحداً من الأهداف التى جاهرت بها بعد السابع من أكتوبر الماضى، فلا هى استردت المحتجزين لدى حركة حماس، التى لا تمتلك جيشاً ولا أسلحة تقارن بما لدى جيش الاحتلال من سلاح، وهو ما أدى إلى تحول الرأى العام العالمى تدريجياً عن الأكاذيب المؤسسة للدولة الصهيونية واطلاعه عبر وسائل الإعلام الحديثة على مدى وحشية الحرب على شعب أعزل، تم قتل عشرات الآلاف من أبنائه، معظمهم من الأطفال والنساء والمسنين، ناهيك عن الأعداد المهولة الموزعة جثامينها تحت أنقاض المساكن المدمرة بالقصف الصهيونى عليها.

 

ونحن الآن بصدد لحظات انتهاء حقبة القطب العالمى الواحد إلى بداية صفحة قد تتضمن عدة أقطاب وإرساء قواعد جديدة للعيش فى سلام وتعاون، بدلاً من التقاتل بين الدول.. وقد فات الأعداء أن اختلاق إسرائيل تم بزعم البريطانى بلفور «شعب بلا أرض لأرض بلا شعب»، وتم الدفع بآلاف المرتزقة الصهاينة، لأن اليهود الشرفاء ضد ما يحدث فى غزة، للاستيلاء على مساكن الفلسطينيين فيما عرف بالمستوطنات، أى إنه لا أحد من هؤلاء تقريباً من أصل فلسطينى، وهو ما يفسر هجرة الآلاف منهم الآن إلى خارج إسرائيل والعودة إلى بلادهم الأصلية، وهذا التطور يزعج قادة الحرب وعلى رأسهم النتن ياهو، وهو من أصل بولندى على ما أعتقد.

 

لقد عشنا جميعاً، المنتمون إلى الأديان السماوية الثلاث، بسلام، ولم يتعرض أحد البتة إلى اضطهاد بسبب انتمائه الدينى، إلا بعد تنفيذ المخطط الأمريكى، الذى كشفه بوضوح وزير الخارجية الأمريكى الأسبق، هنرى كيسنجر، الذى قال بوضوح تام: إن أكبر ضمان لبقاء إسرائيل فى المنطقة العربية هو تفتيت المنطقة إلى دويلات عرقية وطائفية.. وأظن أن الحكومة المصرية القادمة ستكون على دراية بكل هذه الظروف، وأنها ستنتصر بوعى المصريين بكل هذه العوامل وبأمل بزوغ عصر جديد لا انفراد لأحد فيه بالهيمنة وبوحدة شعبية أرسى جذورها بعد ثورة الثلاثين من يونيو الرئيس عبدالفتاح السيسى.