مافيا السناتر.. نريد حلاً!!

08:47 م | الثلاثاء 11 يونيو 2024

حالة من الدهشة والجدل وردود فعل متباينة سيطرت على الرأى ومنصات التواصل الاجتماعى عقب انتشار مقطع فيديو لأحد مدرسى مادة الجيولوجيا الذى قام باستئجار الصالة المغطاة للألعاب الرياضية بمدينة 6 أكتوبر «صالة حسن مصطفى» لإعطاء درس خصوصى حضره أكثر من 4 آلاف طالب من طلاب الثانوية العامة دفعوا مليوناً و300 ألف جنيه فى ساعة واحدة!!

وزارة الشباب والرياضة بادرت باتخاذ إجراءات عقابية بإحالة المسئولين عن الصالة للتحقيق، ووقف المدير التنفيذى عن العمل لحين انتهاء التحقيقات الرسمية وذلك لقيامهم بتأجير الصالة للمدرس حتى إن كان الهدف، كما أعلنوا، لتنمية الموارد!!

وزارة الشباب والرياضة أكدت أنه توجد لائحة مفعلة منذ 3 سنوات لتنظيم تأجير الصالات والمرافق الرياضية التابعة للوزارة والبالغ عددها 6300 صالة خلال فترات عدم استخدامها فى الأنشطة الرسمية بهدف تنمية الموارد وهناك بند صريح بمنع تأجير الصالات أو الأندية والمراكز لأغراض تجارية أو صناعية أو تعليمية مخالفة للقانون وسياسة الدولة وأكدت أن ما حدث فى صالة حسن مصطفى مخالفة صريحة للائحة من قبل مجلس أمناء إدارة الصالة يتنافى مع سياسة الدولة فى محاربة ظاهرة الدروس الخصوصية لذلك تم إحالة جميع أعضاء مجلس أمناء الإدارة للتحقيق، بالإضافة إلى وقف المدير التنفيذى.

التحقيقات كشفت أن مدرس الجيولوجيا يمتلك منصة وقناة وموقعاً خاصاً يتابعه أكثر من 700 ألف طالب عبر حسابه وأنه يحفز الطلاب من خلال مسابقات يقدم خلالها هدايا ثمينة تصل إلى تليفونات آيفون ويمتلك خطاً ساخناً لحجز المحاضرات.. وقد استمعت النيابة العامة بأكتوبر لأقواله، حيث نفى جمع ذلك المبلغ الضخم وقال إنه ينظم المراجعات بأجر رمزى للطلاب حيث يتقاضى من كل طالب 85 جنيهاً فقط وليس 300 جنيه، كما تردد، وأنه استأجر صالة ألعاب حسن مصطفى لأنها معروضة للتأجير ولم يكن يعلم أن جمع الطلاب للمراجعات مخالف للقانون وفى نهاية التحقيقات قررت النيابة إخلاء سبيله موجهة له تهمة جمع الطلاب من أجل الدروس الخصوصية فى مكان مفتوح وعدم الحصول على التصاريح والتراخيص اللازمة.

هذه الواقعة وما سبقها من وقائع مماثلة تحتم علينا مناقشة القضية للوصول إلى حل.. لا يختلف اثنان على أن الرئيس عبدالفتاح السيسى أولى تطوير التعليم عناية خاصة لإيمانه بأن التعليم هو السبيل الأهم لنهضة مصر وتقدمها وازدهارها.. لذلك جعل تطوير التعليم والصحة فى مقدمة أولوياته فى خطة بناء مصر الجديدة.. الموازنة الجديدة للدولة تضمنت زيادة الإنفاق على قطاع التعليم بنسبة 45% فى ميزانية العام القادم، حيث سيتم رفع مخصصات التعليم إلى 858.3 مليار جنيه مقارنة مع 591 ملياراً خلال العام المالى الحالى.

كل ذلك جيد جداً لكن الواقع المؤلم يؤكد أن السناتر أصبحت حقيقة لا ريب فيها وأنها امتداد طبيعى لفكرة الدروس الخصوصية، ولكن بشكل أفضل تنظيماً، وأكثر إقناعاً للآباء، رغم أنها مكلفة للغاية مقارنة بالتعليم الحكومى، ولم يستطع أحد حتى الآن القضاء عليها أو الحد منها، حتى باتت أشبه بمدارس موازية.. ورغم أن الوزارة شنت حملات وأغلقت أعداداً كبيرة منها، إلا أن السناتر زادت انتشاراً وكل شىء يقدم فيها للطلاب بثمنه.

بالتأكيد وزارة التربية والتعليم لم تفلح حتى الآن فى مواجهة ظاهرة الدروس الخصوصية ومافيا السناتر التى تخرج لسانها للوزارة وتعمل على مرأى ومسمع من الجميع، بل وتعلن عن نشاطها عبر مواقع التواصل الاجتماعى وفى الشوارع والميادين وكانها أقوى من الجميع. ويحسب للدكتور رضا حجازى، وزير التربية والتعليم، أنه بدأ الحرب على مراكز الدروس الخصوصية بإطلاق مشروع فتح مراكز أو قاعات للمحاضرات ومجموعات التقوية داخل المدارس الحكومية لتكون بديلاً عن مراكز الدروس الخصوصية بأسعار تناسب جميع الطلاب وأعلنت الوزارة أنها ستقوم باستقطاب المعلمين الذين يتمتعون بشهرة فائقة فى مراكز الدروس الخصوصية بالعمل داخل المراكز المدرسية التى سيتم إطلاقها.

التجربة حققت نجاحاً فى بعض المحافظات وتحتاج إلى تكاتف الجميع بمن فيهم الطلاب وأولياء الأمور لإنجاحها، والسؤال: كيف نقضى على هذه الظاهرة؟ هل نحتاج إلى تعديل تشريعى لتجريم الدروس الخصوصية؟

بالتأكيد نحتاج ذلك لأن التشريعات الحالية فشلت فى ردع مافيا الدروس الخصوصية.. فشلت فى ردع معلمة الأحياء التى تم ضبطها وهى تقف ويحيطها عدد من البودى جارد وهى تدخل السنتر لشرح مادة الأحياء على طريقة عرض مسرحى فى المسرح وأمامها آلاف الطلاب.

القانون الحالى لم يمنع انتشار الحملات الإعلانية والدعائية للمعلمين ولم يمنع ظهور حالات غريبة كنوع من الدعاية للدروس الخصوصية التى ظهر فيها صورة معلم وهو يحلق فى السماء!!

لم يمنع فشخرة «مدرس الاستاد» أثناء دخوله لمقر حصة مراجعة مادة الفلسفة للثانوية العامة بأسطول سيارات و«عدد من البودى جاردات» فى موكب أسطورى أمام طلابه.

الإعلانات العلنية لمافيا الدروس الخصوصية وأصحاب السناتر خير دليل على أن كافة الإجراءات التى هددت بها الوزارة مجرد حبر على ورق وحملات لا تؤتى أكلها لم نرَ آثارها على أرض الواقع، وخير دليل على هذا أن الدروس الخصوصية يتم الإعلان عنها أمام الجميع دون خوف من أى عقاب والسؤال: هل صحيح أن السناتر تحقق دخلاً 47 مليار جنيه سنوياً؟

المؤكد أن حيتان الدروس الخصوصية خاصة مع انتشار السوشيال ميديا التى ساهمت فى الترويج لهم بشكل كبير ظهر عليهم الثراء الفاحش، والغريب أن هناك حالات من التباهى والتفاخر من قبل الطلاب وأولياء الأمور بأنهم حجزوا بأغلى السناتر، أو عند أشهر المدرسين، بل إننا نجد أنفسنا أمام ماراثون إعلانى يضاهى موسم إعلانات رمضان، فتنتشر حملات دعائية للمدرسين وللسناتر فى كل مكان وخاصة على منصات السوشيال ميديا ترى هل يأتى يوم تختفى فيه ظاهرة السناتر والدروس الخصوصية؟ أتمنى.