«القاهرة».. ميراث العاصمة والقناة

08:48 م | الثلاثاء 11 يونيو 2024

 «القاهرة» فى كتب التاريخ ليست مجرد مدينة عظيمة أو عاصمة قيادية فى منطقتها، بل منارة يتجاوز تأثيرها دول إقليم الشرق الأوسط والأمة العربية، والأهم أنها أصبحت بمرور السنوات المرآة التى تعكس حجم الدول المتداخلة معها أو الراغبة فى منافستها، لذا يخشى بعضها الاقتراب منها.. خوفاً أو طمعاً فى صمود الصورة التى يروجونها عن أنفسهم.

الدور الذى وثقه التاريخ حصرياً لـ«القاهرة» كعاصمة.. أورثها -دون اختيار- الكثير من المتاعب والأزمات، وبعضاً من الكراهية أحياناً، لأنها أصبحت فى مرمى دول الغرب الطامعة فى ثروات المنطقة، فضلاً عن دول من الشرق تبحث عن دور ولا تصدق أن بإمكانها الحصول عليه دون تفتيت هذه العاصمة.

كل ما يحمل اسم «القاهرة» يستدعى فى الأذهان ميراث الدولة المصرية، وهذا ما يدركه من يهابون وهج هذه العاصمة.. وقدرتها السريعة على أن تنفض عن نفسها غبار الأزمات والمشاكل، وتستنهض همم أبنائها ليستعيدوا فى سرعة البرق منارتها ودورها التاريخى.. ولنا فى «القاهرة الإخبارية» درس عملى، حيث أثبتت الشركة المتحدة للخدمات الإعلامية أن المصريين قادرون على كتابة تاريخ جديد، وفرض واقع جديد يعيد تشكيل خارطة الفضاء الإعلامى الدولى.

إذا أردنا أن نكون منصفين فى الحكم على تأثير قناة «القاهرة الإخبارية» علينا أن نتوقف أمام ما أحدثته فى ملف القضية الفلسطينية.. علينا أن نسأل أنفسنا: ما الذى أيقظ ضمير العالم تجاه القضية الفلسطينية؟

العالم اعتاد أن يدير ظهره للمجازر الإسرائيلية المتكررة منذ 76 عاماً، لأن من يديرون لعبة الإعلام الدولى كانوا يسيطرون بشكل مباشر وغير مباشر على ما يخرج للنور، كانوا يسمحون بمشهد عابر أو صورة ربما يثيران التعاطف، لكنهما لن يخلقا غضباً يستقر فى أذهان المشاهد طويلاً.

لكن «القاهرة الإخبارية» خلقت متغيراً جديداً، وكسرت رغبة بعض اللاعبين الدوليين فى احتكار الصورة المصدرة للرأى العام العالمى، بل وأصبحوا مضطرين للتفكير مرات عديدة قبل تصدير مشهد أو رواية جديدين، ويكفينا أنها زلزلت عروشاً كان أصحابها يظنون أنها راسخة ومستقرة، ولن نتحدث عن المرات التى تسابقت فيها قنوات دولية عريقة لتنقل عن «القاهرة الإخبارية»، بل سنتوقف أمام قيادات غربية وأمريكية تراجعت مرات عدة عن تصريحات مؤيدة لدولة الاحتلال، وبررت الأمر بأنه لم يتسن لها الوقت للتحقق من دقة الروايات الإسرائيلية، بل ووجدنا الدولة العبرية تضطر لفرض رقابة عسكرية على وسائل إعلامها.. وتحذف أخباراً وتتدخل لتحديد مضمون ما يُنشر أو يُبث، وكل هذه الأجواء لم نرها قبل ظهور «القاهرة الإخبارية».

الآن من حقنا أن نفخر بـ«القاهرة الإخبارية» لأنها حرّكت المياه الراكدة على ساحة الإعلام الدولى، وساهمت بقوة فى إيقاظ ضمير الشعوب، وننتظر منها المزيد.. رغم ما تواجهه من تربص يصل فى بعض الأحيان إلى حد الكراهية.. وهى كراهية تلاحق كل نجاح يستدعى أو يعزز مكانة الدولة التى اعتادت أن تكون منارة يهتدى بها العالم.