خالد حنفي يستعرض تاريخ «الجماعة الفاشية» الحلقة الثامنة

شهادات الروس تفضح مؤامرات الإخوان ضد الجيش

ملايين المصريين خرجوا إلى الشوارع بسبب حكم الإخوان الفاشى

ملايين المصريين خرجوا إلى الشوارع بسبب حكم الإخوان الفاشى

08:21 م | السبت 08 يونيو 2024
كتب:

الوطن

ما زلنا مع الجيش المصرى.. ما زلنا نواصل ما سطره لصالح المصريين بعد 25 يناير.. لولاه لقلنا على هذا البلد السلام.. لولاه لجرت الدماء فى شوارع مصر بطولها وعرضها.. الجيش الذى ينحاز للشعب ولا أحد غيره.. انحاز له فنجح فى إزاحة الجماعة الفاشية من كرسى الحكم.

الجماعة التى تصر حتى الآن على النيل من الجيش بأى طريقة.. تسعى لدق الأسافين للوقيعة بينه وبين المصريين، وفى كل مرة تفشل لكنها أبداً لا تكف عن محاولاتها البائسة.. لا تكف عن تشويه الصورة.. لقد فهم المصريون حقيقة هذه الجماعة.. تكشّف لهم وجهها الحقيقى الذى حاولت طوال السنوات الماضية إخفاءه.

الجماعة وكما قلت سابقاً وكما يعرف كثيرون وضعت الجيش هدفاً أمامها، خاصة بعد 25 يناير.. فى العلن تغازله وتغازل قياداته وفى وثائقها السرية تحرّض عليه أبناء الجماعة والخارجين من رحمها.. تدفعهم للتظاهر ضده ومحاصرة قواته، وعندما وصلت للحكم وبدلاً من احترامها للمؤسسة العسكرية ظلت تعمل ضدها وضد قياداتها.

«الجماعة» سخرت لجانها الإلكترونية لنشر الشائعات.. وأطلقت أبناءها المدربين على حمل السلاح لتنفيذ عملياتها

لم تكف الجماعة عن إطلاق لجانها الإلكترونية لنشر الشائعات، وهو ما تفعله حتى الآن.. وهى فى الحكم كانت تريد أن يصبح جيشنا جيشين وفشلت.. كانت تريد أن تدشن لجيشها الخاص عبر حازم صلاح أبوإسماعيل وفشلت.. وكانت قيادات الجيش واعية لهذا الدور جيداً.. وتكشفت أوراقه عندما سافر محمد مرسى إلى روسيا للقاء بوتين.

وأرسلت الجماعة رجالها للترتيب للقاء والتقوا بالوفد الروسى الذى لاحظ أن هؤلاء يجهلون الدبلوماسية.. سألوهم بشكل واضح عن سر إلحاح الجماعة على هذا اللقاء، خاصة أنها تعرف مسبقاً أن روسيا تضعها على قوائم الإرهاب، فقالوا لهم إنهم يريدون قمحاً وهناك طلب خاص سوف يطرحه مرسى على بوتين شخصياً.

هذا الطلب كان عبارة عن أسلحة متطورة هجومية بميزانية مفتوحة، فسأله بوتين: «ولماذا لم يأت معك وزير الدفاع؟!».. هنا دخل الشك لصدر بوتين فقال له أرسل لنا ما تريد عبر ورق رسمى.. غادر مرسى روسيا وفى المساء ظل بوتين يلعن الجماعة التى تريد سلاحاً متطوراً لا يعرف الجيش عنه شيئاً.. فى هذا التوقيت كان حازم صلاح أبوإسماعيل معنياً بتدشين الجيش الحر.. أعد خطة للترويج له عبر وسائل إعلام غربية وعربية بإغراءات كثيرة.. واتصل بكثيرين وكان من بين اتصالاته قناة روسية.. أرسلوا له طاقماً فى ظاهره أنه إعلامى.. سجلوا له أكثر من ساعتين وهو يعرض لفكرته.. هذا التسجيل لم تتم إذاعته وأغلب الظن أنه فى يد المخابرات الروسية.

فعلت الجماعة وهى فى الحكم الكثير ضد الجيش، ولما أزيحت عن الحكم كان تحركها علناً، وتحريضها علناً عبر قياداتها وعبر المعتصمين فى رابعة العدوية والنهضة.. أليس البلتاجى من قال إن ما يحدث فى سيناء سيتوقف فوراً إذا ما عاد محمد مرسى للحكم؟!.

أطلقوا أبناء الجماعة المدربين على حمل السلاح لتنفيذ عملياتهم القذرة.. قالوا للخارجين من رحمها أن يردوا لها الجميل الآن، ولِمَ لا وهى التى أفرجت عن الإرهابيين من السجون.. هى التى أدخلت عناصر إرهابية لمصر فى وضح النهار.. هى التى منحتهم الحرية التامة للتحرك وللتدريب وأمدتهم بكل ما يريدونه وهى فى الحكم.. الرسالة وصلت وبدأ أبناء الجماعة والخارجون من رحمها التنفيذ.. تخيلت الجماعة أن الجيش وغالبية المصريين يمكنهم أن يتراجعوا عما فعلوه فى 30 يونيو.

لم تكن الجماعة تريد أن تصدق أنه لا تراجع مهما ارتكبوا من جرائم ومهما نظموا من مظاهرات.. لا يريدون تصديق هذا رغم أن الجيش قالها لهم صراحة: لا تراجع عن خارطة الطريق ولو استمرت مظاهراتكم العشوائية ألف يوم.. لا تراجع مهما فعلتم ومهما حرّضتم على العنف والقتل.. لا تراجع ولن نرحم من يهدد هذا الوطن ويروع المصريين.. الرسالة وصلت الإخوان لكنهم لم يريدوا قراءتها بالشكل الصحيح.

ظلوا يكابرون ويعاندون ويصممون على جرنا لما لا نحب.. ظلوا يرفعون شعار الدم ويتخيلون أنه سوف يعيد لهم كرسى الحكم مرة أخرى.. يستحلون فى هذه المعركة كل شىء ويلجأون لأساليب دنيئة الإنسانية بريئة منها.. استخدموا النساء.. استخدموا الأطفال وأجبروهم على ارتداء أكفان.. عذبوا وسحلوا معارضيهم ومثّلوا بجثث من قتلوهم.. لقد جُن جنون الجماعة وأنصارها من بعد الحشد العظيم فى 26 يوليو وخروج المصريين لتفويض الجيش والشرطة لمحاربة الإرهاب.. جن جنون الجماعة فراحت تسفك مزيداً من الدماء.. راحت تتحرش بالمصريين وتقطع الطرق أكثر وبشكل عشوائى..

حاصروا المحكمة الدستورية.. وقطعوا الطرق.. وهددوا بخطف الإعلاميين وقتلهم ودعوا لحرق الكنائس

حاصروا المحكمة الدستورية ليلاً ولمدة ساعتين فـ «شلوا» حركة المرور على الكورنيش.. عطشى الدم راحوا واختاروا أماكن أخرى ليعتصموا فيها.. ذهبوا إلى الألف مسكن فقام الأهالى بطردهم وحرق خيامهم.. ذهبوا إلى مدينة الإنتاج الإعلامى وحاصروها وأشعلوا النار فى أجزاء منها فتعامل معهم الأمن.. عادوا ليهددوا بخطف الإعلاميين وقتلهم.. راحوا يدعون أكثر لحرق الكنائس والتحريض على القتل وتكسير وحرق محلاتهم.. عطشى الدم يهددون أنه إذا لم يعد محمد مرسى سيفعلون ما هو أكثر.. عطشى الدم يعرفون أن محمد مرسى لن يعود لكنهم يفعلون ذلك كما نعرف من أجل تفاوض جيد.

من أجل مكاسب يحصلون عليها منها الإفراج عن المعتقلين من القيادات وعدم ملاحقة باقى القيادات المتهمة بالقتل والتحريض على القتل والتخابر مع دول أجنبية والتحريض على حرب أهلية فى مصر.. كانت الحكومة فى هذه الفترة تسعى لأن يكون هناك حل سياسى.. لكن الجماعة كابرت وظلت على عنادها.. الجماعة حشدت أشخاصاً لا حول لهم ولا قوة لاستخدامهم فى هذه المعركة.. هؤلاء صدّقوا دعوتهم بأن الجماعة ستعود إلى الحكم إذا تحصنوا بالميادين.. صدّقوا أنهم سيضعون الجيش فى ورطة أمام دول العالم إذا ما أريقت دماء كثيرة، وأن هذه الدماء كفيلة بأن تؤكد للعالم أن ما حدث فى مصر ليس بثورة شعبية خرج فيها المصريون.

فى الوقت نفسه حاولت الجماعة أن توحى للمصريين -كعادتها- أن هناك انقساماً فى الجيش.. أطلقت لجانها الإلكترونية، ودشنت لكيانات لا وجود لها وأرسلت إيميلات لكثيرين -كنت واحداً منهم- نسبته زوراً لضباط ضد التسييس.. واصلوا فيها الترويج لأكاذيب.. كثفوا منها بعد خروج المصريين الرهيب فى 26 يوليو وهو اليوم الذى لبّى فيه المصريون دعوة المشير عبدالفتاح السيسى وزير الدفاع والقائد العام للقوات المسلحة بتفويض الجيش والشرطة لمحاربة الإرهاب، وهى الدعوة التى اكتشفنا فيما بعد أنها جاءت فى وقتها، وبعد أن أعلنت الجماعة وأبناؤها عن نيتها الحقيقية تجاه مصر والمصريين.

حاولت الجماعة تشويه هذه الدعوة وضربها قبل أن تؤتى ثمارها.. قالت إن دعوة القائد العام للقوات المسلحة أثناء حفل تخرج دفعتين من الكلية الحربية وكلية الدفاع الجوى للمواطنين الشرفاء للنزول إلى الشوارع والاحتشاد فى الميادين لتفويضه فى محاربة الإرهاب غريبة وصادمة.. قالت أيضاً إن هذه الدعوة تأكيد على أن القوات المسلحة أصبحت طرفاً بارزاً فى العملية السياسية، فدعوات الاحتشاد لا تخرج إلا من أطراف سياسية.. تردد الجماعة ما لا تفهمه أو تفهمه وتريد أن تضلل به الآخرين، فالدعوة للاحتشاد ليست مقصورة على السياسيين.

لو كانوا يفهمون لعرفوا أن هذه الدعوة لمجرد أنها خرجت من عبدالفتاح السيسى وتلقاها الناس ولبّوا الدعوة فى مشهد رهيب جعل إسرائيل تراجع نفسها.. فهى أسرع تعبئة شعبية، وهى تعنى أن الجيش قادر على أن يفعلها مع دول تكيد لمصر وتتربص بها، ومن باب التجارة أضافت الجماعة أن هذه الدعوة أدت إلى آثار سلبية بالغة، منها سقوط عشرات الضحايا والمصابين فى نفس الليلة، ونسيت الجماعة أن سقوط الضحايا فى هذه الليلة كان بتحريض منها ومن قياداتها.. سقوط القتلى كان بسبب من تعوّدوا على حمل السلاح والتعامل به لحسم أى خلاف.. سقوط القتلى كان بسبب من يدّعون أنهم يتظاهرون سلمياً وهم يتحصنون بالمتاريس ويلغمون الأماكن بأنابيب الغاز ويضعون القناصة أعلى أسطح العمارات.. سقوط القتلى كان بسبب من يحترف استخدام الخرطوش والمولوتوف والرصاص الحى وقادر على صناعة القنابل.

كانت الجماعة تفتش فى كل شىء يخص الجيش.. كانت تتصيد له وتقرأ ما يفعله على طريقتها.. لم تترك حتى مشاركة الجيش للمصريين فى احتفالاته، قالوا إن هذه المشاركة تنال من الوقار والهيبة والشجاعة، ولو فتشوا فى تاريخ الكبار من قيادات الجيش طوال تاريخه لعرفوا أن ما جرى طبيعى جداً.. بل إن رموز قواتنا المسلحة كانوا لا يخفون إعجابهم بالفن والغناء ولا يشعرون بحرج وهم يشاركون المصريين فرحتهم سواء على الجبهة أو فى الميادين.. ليس هذا فقط وإنما وجهوا الدعوة إلى العسكريين المتقاعدين للاحتشاد والتظاهر أمام النصب التذكارى للجندى المجهول دفاعاً عن قيم العسكرية المصرية.

لم يستجب أحد لهذه الدعوة لأسباب كثيرة، منها أن من يطلقون على أنفسهم «ضباط ضد التسييس» ليسوا موجودين سوى فى خيال الجماعة.. أى إنهم حركة وهمية لا وجود لها على الأرض.. فقط تروج لها الجماعة إلكترونياً وفضائياً لكى توحى للغرب أن هناك انقساماً داخل الجيش، وبمرور الوقت وبعد ما يقرب من 7 سنوات لم يحدث شىء مما روجت له الجماعة، ما زال الجيش وسيظل على قلب رجل واحد.. لا الجماعة ولا غيرها يمكن أن يؤثر فيه.

لا يمكن أن يوتر العلاقة الأبدية بينه وبين الشعب.. الجماعة التى وجهت الدعوة فى هذا الوقت للعسكريين المتقاعدين ضلت طريقها.. فهؤلاء العسكريون المتقاعدون أعلنوا موقفهم مبكراً قبل 30 يونيو.. هؤلاء خرجوا على جماعة الإخوان المسلمين قبل أن يخرج الناس عليها.. هؤلاء المتقاعدون حاربوا الجماعة مبكراً.. فى هذه الفترة كان محمد بديع، مرشد الجماعة، يصدر بيانات ويرسل للجميع رسالته الأسبوعية.. بيانات يزعم فيها أن ما جرى فى 30 يونيو ليس بثورة بل شطح بخياله عندما صور الأمر كله على أنها مؤامرة دولية ضد مصر هدفها الإطاحة بمحمد مرسى حتى لا ننهض..

 

«المرشد» كان يظن هو وجماعته أن الدماء الكثيرة التى تسيل ستقوده إلى مائدة مفاوضات يجلس فيها مع من يملكون القرار.. وكانوا يوحون بأن هدوء الشارع فى أيديهم.. وفشلوا ولم يحققوا ما خططوا له

ما زال المرشد وجماعته يعيشون فى دور الضحية، وأن الحكومة تذبح الجماعة دون رحمة وتعذب وتعتقل ما تشاء وتهدر حقوق الإنسان المصرى.. ما زال المرشد يعيش فى الوهم الأكبر وهو أن المصريين ملأوا الميادين اعتراضاً على ما حدث.. مسكين هذا المرشد، لا يريد أن يصدق أن الشعب عزل جماعته وأعادها إلى الأرض مرة أخرى.

لا يريد أن ينظر إلى يديه فيرى الدماء تسيل منها.. دماء أبرياء قادهم إلى الهلاك ليقتنص له ولقيادات الجماعة خروجاً آمناً، أو خروجاً مريحاً لجماعته.. كان يظن هو وجماعته أن الدماء الكثيرة التى تسيل ستقوده حتماً إلى مائدة مفاوضات يجلس فيها مع من يملكون القرار.. لن تتم إلا إذا كثرت الضحايا.. لن تتم إلا إذا عمت الفوضى فى الشوارع.. كان يريد أن يوحى لمن يملكون القرار أن هدوء الشارع فى أيديهم وأنهم بإشارة يصرفون أتباعهم وأنصارهم من الميادين.. فشلت الجماعة مرة أخرى ولم تحقق ما خططت له.

أشعلت النيران فى كل مكان لكنها لم تجن الثمار المرجوة.. لم تجلس الجماعة على مائدة مفاوضاتها، فأهدافها واضحة وهى حرق الأخضر واليابس.. لن يهنأ أحد بالحكم بعدها، ولن يهنأ المصريون بتجرؤهم عليها وإزاحتهم.. هى والخارجون من رحمها يبثون السموم ويثيرون الفتن ويروجون الشائعات ربما ينجحون.. لا تحاول هنا أن تنزع الغل من قلوبهم.. لا يمكن لأحد أن يقنعهم أنه من يحمى هذا البلد بحدوده وناسه.. لن يلتفتوا إليك ولن ينصتوا لما تقوله.. فكلما تحدثت عن الجيش انفجروا غضباً وأمطروك بوابل من الشتائم والشائعات والتشكيك.

إذا أردت مضايقة الإخوان وأنصارها من التيارات الدينية المتطرفة فأسمعهم خبراً جميلاً عن الجيش.. لقد انفجروا غضباً عندما تصدر الجيش المصرى قائمة أقوى 10 جيوش عربية وتقدم ليحصل على المركز الثالث عشر عالمياً، حسب ما جاء فى موقع «جلوبال فاير باور» المهتم بالشئون العسكرية.. الموقع قال إن الجيش المصرى هو الأول عربياً وقام بتصنيفه بعد العودة لعدد السكان وعدد الجنود والضباط وعدد المعدات العسكرية، والجيش المصرى يضم 468 ألف مقاتل منتسب، و479 ألف مقاتل من قوات الاحتياط و35 مليون شخص يصلحون لأداء الخدمة.

أما الآليات العسكرية فهى 4487 دبابة و9646 مدرعة و863 طائرة حربية و200 طائرة هليكوبتر و221 قطعة بحرية و4 غواصات.. الجيش المصرى الأول عربياً رغم أن ميزانية وزارة الدفاع أقل بكثير من ميزانيات الجيوش العربية، فهى تبلغ نحو 4 مليارات دولار مقارنة بميزانيات الجيش السعودى الذى يحتل المرتبة الثانية، وجيش مثل الجزائر الذى يحتل المرتبة الرابعة وجيش الإمارات الذى يحتل المركز الخامس بينما يزيد قليلاً عن ميزانية الجيش السورى الذى يحتل المركز الثالث.

قامت قيامة الجماعة وراحوا يضربون فى الجيش وينشرون شائعاتهم ويشككون فى كل ما قدمه لنا ولهذا البلد.. راحوا يعيدون كلاماً سخيفاً ومملاً من عينة أنه جرى تصنيف الجيش المصرى بهذا الشكل لأنه يعمل لإرضاء إسرائيل وأمريكا، ولا يمكنه أن يتحرك بشكل قد يضر بمصالح الصهاينة والأمريكان.. الجماعة وأنصارها ربطوا بين هذا التصنيف وبين موافقة أمريكا على تسليم مصر 10 طائرات مروحيات أباتشى كانت مصر قد طلبتها لمكافحة الإرهاب فى سيناء وتأمين الحدود والقضاء على التنظيمات المتطرفة المسلحة.

الصفقة جرى تعليقها منذ عزل محمد مرسى بعد ثورة 30 يونيو.. عادت أمريكا بعد فترة وقالت إنها فى طريقها لتسليم مصر طائرات الأباتشى لتساعدها فى حربها على الإرهاب.. أمريكا لم تمرر تسليم الصفقة من أجل عيون مصر ولا محبة فيها.. فعلت هذا إيماناً منها أن محاربة مصر للإرهاب أمر يصب فى صالح الأمن القومى الأمريكى، وهو ما أعلنه صراحة المتحدث الرسمى باسم البنتاجون.

كان أوباما قد رفض التوقيع على الصفقة ورفض الطلب الذى تقدمت به وزارة الخارجية.. رفض أوباما لم يكن غريباً ولا مدهشاً.. فعل ذلك ظناً منه أن هذا الرفض سيقوى من شوكة «الإخوان» لممارسة إرهابها وتكديرها للدولة والنظام.. فالرفض كان الإخوان يحسبونه دعماً لهم فى موقفهم ودعماً لمطالبهم الخرافية فى عودة مرسى للحكم من جديد.. بالوقت تأكد للأمريكان أن ما قام به المصريون فى 30 يونيو ثورة شعبية أزاحوا بها نظام حكم فاشى بعد انحياز الجيش المصرى لمطالب الأغلبية.

تأكد لهم أنه لا رجوع فيه مهما جرى، فما كان من أمريكا سوى النظر مرة أخرى إلى مصالحها لا إلى شىء آخر.. صحيح أنهم كانوا يمنّون أنفسهم باستمرار مرسى وجماعته لكن ما دام قد عُزل فليذهب وجماعته إلى الجحيم حتى ولو مؤقتاً.. فالجماعة هى من كانت ستمكن أمريكا من تفكيك الجيش المصرى.. تعرف أن الجماعة لا دين لها سوى التنظيم الدولى.. لا تؤمن بهذا الوطن وحدوده وجيشه.

ولو كان تفكيك الجيش سبباً فى استمرارها لفعلت دون أن يرمش لها جفن.. فأمريكا تعرف أيضاً أنه لو قامت حرب فى المنطقة وكانت إسرائيل طرفاً فيها فالجيش المصرى هو من سيتصدى لها.. كلام الجماعة وأنصارها عن الجيش لا ثمن ولا أساس له.. كلام باطل يكشف لنا مدى الغل الذى تضمره الجماعة وأنصارها فى قلبها للجيش.

لن نقول لهم ماذا فعل المعزول محمد مرسى أثناء حكمه وعشيرته لمصر مع إسرائيل.. فالجيش أبداً لم يكن تحت إمرته فيما يتعلق بالأمور الوطنية الكبيرة.. الجيش لم يكن أبداً أداة فى يده يرضى بها التنظيم الدولى.. بل إن تحركات الجيش فى سيناء أزعجت أسياد مرسى من قادة حماس.. عندما قام بردم الأنفاق وتدميرها، وهى الأنفاق التى كانت حماس تستخدمها فى تهريب ليس الأسلحة وإنما البضائع المهربة والمسروقة وأحياناً كانت تستخدمها فى تهريب فتيات الليل.. قاتلوا من أجل أن تبقى هذه الأنفاق، فقد كانت سبباً فى ثرائهم، ولا يعنيهم إذا كانت تضر بأمن مصر وأمانها، فهو أمر لا يعنيها بالمرة.. بل إن تكدير الأمن القومى لمصر واحد من أهدافها منذ زمن بعيد وليس من بعد ثورة 25 يناير فقط.

الجماعة الفاشية مكنت إسرائيل من وضع كاميرات على الحدود المصرية لتضمن دعمها.. وكلفت «أبوإسماعيل» بتكوين جيش حر وسعت لشراء أسلحة من روسيا

ما زلنا نذكر كيف أن هدم الأنفاق أصاب الجماعة بالجنون بعد قيام القوات المسلحة بهجوم على الأنفاق وضبط كميات كبيرة من المتفجرات كانت فى طريقها إلى غزة.. تحركات الجيش فى سيناء من أجل هذا البلد وليس لمصلحة إسرائيل كما تدّعى الجماعة.. الجماعة هى من فرطت فى أمننا القومى وعرضته للخطر.. الجماعة هى التى سمحت لإسرائيل أن تزرع كاميرات تجسس على حدودنا ليعد علينا الصهاينة الأنفاس.. الجماعة هى من وعدت حماس بمنحها 1600 كيلومتر من أراضينا كما كشف أبومازن.

ستفشل الجماعة لأن الجيش المصرى أول جيش نظامى فى العالم.. الجيش الذى وإن تعرض لمحنة فإنه أبداً لا يموت، ولنا فى أكتوبر العظيم أسوة حسنة.. انتفض الجيش وانتصر لكرامة المصريين وأعاد لنا العزة، والأهم أنه لقن إسرائيل درساً فى الحروب لا يمكن لها أن تنساه لا هى ولا من تحميها وتدعمها وتمدها بالسلاح والمال.. هو أول جيش نظامى وأجناده خير أجناد الأرض، فلا خوف عليه، بل احذروه إذا ما غضب.

تدعى الجماعة الفاشية هذا الكلام وهى من كانت ستدفع إسرائيل للقيام بعمليات داخل سيناء حماية لنفسها.. الحدود وقتها كانت مستباحة والتنظيمات الإرهابية تتحرك بحرية تامة.. الجماعة تعلم جيداً أن ما كان يتم فى سيناء أثناء حكمها كان وبحق خدمة جليلة لإسرائيل.. ما كانت تفعله كانت إسرائيل تنوى استثماره بتوجيه ضربة استباقية لمصر فى سيناء بزعم تهديد التنظيمات الإرهابية لها.

دعنا هنا نتذكر ما قاله باراك وقتها وفى ظل وجود جماعة الإخوان فى الحكم وبعد مجزرة رفح التى راح ضحيتها 16 من جنودنا وضباطنا.. قال: «الإرهاب سيضيع سيناء من مصر ونحن من سيقوم بمكافحة الإرهاب».. هذا ما كانت تريده إسرائيل.. دعك من خوفها على مصر فهو لا محل له ولا وجود أصلاً.. ركز فقط فى «نحن من يقوم بمكافحة الإرهاب».. سعت إسرائيل لأن تصور للعالم وقتها أنها مهددة وأنها تخاف على أمنها من وجود التنظيمات الإرهابية والمسلحين..

لو استمر الإخوان أكثر من السنة لمكنوا العدو الصهيونى من تحقيق هدفه وحلمه بالدولة الكبرى من النيل للفراتكانت تريده وقتها لعل وعسى تقوم بتعديل بنود معاهدة كامب ديفيد وإضافة شروط تعجيزية تغل يد مصر عن حماية حدودها بالطريقة التى تراها، ولو استمر الإخوان أكثر من السنة التى حكموا فيها لمكّنوا العدو الصهيونى من تحقيق هدفه وتحقيق حلمه بالدولة الكبرى من النيل للفرات.. الحلم الذى لن تكف عن محاولة تحقيقه.. لا تنسوا ما جاء فى مذكرات شارون، فقد كتب: «عند التفكير فى المشروع الصهيونى أوصى هرتزل -مؤسس الصهيونية السياسية المعاصرة- بسيناء، وقال إن عماد دولة إسرائيل هى سيناء».

وأضاف شارون فى مذكراته: «ذهبنا أنا وديان لسيناء فى سنة 1955 وقسناها بالشبر وصنعنا خريطة ميدانية لها».. هذا يعنى أن إسرائيل وعبر تاريخها وقياداتها السابقة تضع عينها على سيناء.. يعنى أنها تريد عزلها عن مصر لتفرض هى سيادتها عليها لتحقق حلمها.. ما دام هذا حلمها فهى عدونا الأول.. العدو الذى لن ينجح أحد فى أن يمحو ما استقر فى وجدان المصريين تجاههم.. لا يمكن أن تجبر المصريين على أن يضعوا يدهم فى يد هؤلاء الصهاينة، أو أن يصفوا لهم.. كل بيت مصرى لديه ثأر مع الصهاينة.. فكم من عائلة فقدت جنوداً وضباطاً.. كم من أسر لم تر حتى جثة من فقدته.. سيظل هذا يسرى فى شرايين المصريين مجرى الدم.. حتى الأجيال التى لم تعاصر لحظة الانتصار ولم تذق حلاوته فى حينها.. النصر الذى تحقق بإيمان الجنود وبدعم المصريين.

لقد تأكد للمصريين أن الجيش هو الذى حمى هذا البلد ولا غيره يحميها.. تأكد لهم أنه لا يمكن أن يسمح لأحد فى الداخل أو الخارج أن يمس حدودنا أو أن يمس المواطنين.. الجيش يعرف جيداً المخاطر التى تحاصر المنطقة بأكملها.. على دراية كاملة بمخططات الدول الكبرى وعملها على تفتيت المنطقة وتقسيمها من جديد وتشريد جيوشها.

نجحت فى بعض الدول لكنها لم تنجح مع الجيش المصرى ولن تنجح.. الجيش على وعى بكل هذا، لذلك كان حريصاً على أن يعيد ترتيب أوراقة جيداً.. كان حريصاً على أن يعيد التسليح ويدعم قواته الجوية والبحرية والبرية بأحدث المعدات والأسلحة، وهو الأمر الذى أزعج كثيرين من الدول المجاورة.. بل وأزعج الجماعة والخارجين من رحمها.. الجماعة التى لن تتركنا فى حالنا ولن تترك الجيش.. وإنا لمنتصرون.

غداً.. الحلقة التاسعة

اقرأ المزيد:

عرض التعليقات