«هالة» تودع حلم الطب من أجل بر والدتها مريضة السرطان: «بعوض تعبها معايا»

هالة الباز ووالدتها

هالة الباز ووالدتها

07:44 م | الجمعة 07 يونيو 2024

زوج متوفى، ابنة صغيرة، مصدر دخل منعدم، جسد مزقه المرض، منزل مُهدّم يجول حوله شبح الإيجار والطرد للشارع، وحياةٌ لا يملؤها سوى الوحدة والفقر.. كانت هذه مُجتمعة وأكثر الظروف التي عاشتها الأم الأربعينية «أم هاشم»، ابنة محافظة دمياط، بعد وفاة زوجها تاركًا لها ابنتهما لتعولها وتتكبد مصاريف تعليمها بالعمل في مهن تحني ظهور أقوى الرجال وأشدهم.

تأرجحت حياة «أم هاشم» تارة بالعمل في الأراضي الزراعية وأخرى في المقاولات وثالثة في أعمال العتالة، حتى تمكنت أخيرًا من الاقتراب بابنتها الوحيدة إلى بر الأمان؛ إذ تخرجت الابنة في كلية التمريض، وراحت الابنة تعمل على رد الجميل وتبحث عن تكريم لوالدتها يليق بقصة كفاحها، ومأوى يحميهما من الشارع ويتناسب مع كونهما «اتنين ستات من غير راجل».

قصة كفاح الأم بعد وفاة الأب

بصوت حنون هادئ جمع في ثناياه كل مشاعر الحب والعطف والرغبة في رد الجميل، روت الفتاة العشرينية هالة عوض الباز، قصة كفاح والدتها، خلال حديثها لـ«الوطن»، وكيف كانت هي ملجؤها الآمن والوحيد، موضحة أنها ومنذ أن اختلطت أنفاسها بنسمات الهواء من حولها وهي ترى في والدتها الأب والأم والأخ والأخت وكل شيء؛ فهي الوحيدة التي تحنو وتُدلل وتعول في ظل غياب دور الأب وأنها عند وصولها إلى المرحلة الثانوية توفيَّ والدها تاركًا إياها وأمها تعانيان الوحدة وضيق الحال، لتبدأ والدتها في حَمل عناء العمل لتوفير قوت يومهما.

سنوات طويلة قضتها الأم وهي على هذه الحال، لم يكن يشغل عقلها وقلبها خلالها إلا التحاق ابنتها بكلية الطب، وهو ما تحقق أخيرًا، ليدُب معه الأمل في حياة الأم ويغزو الفرح قلبها؛ ولكن إلى أيام أو شهور معدودة فقط؛ إذ هاجم الأم مرض السرطان قبل سنوات طويلة واحتاج وقتها لاستئصال الرحم، ثم عاد يهاجمها ثانيةً ولكن هذه المرة في الكبد، كما أُصيبت بضعف عضلة القلب، إلى جانب مشكلات في العظام سببت لها إعاقة حركية ومعها فقدت قدرتها على العمل كما في السابق، لتقرر الابنة التخلي عن حلمها؛ تخفيفًا عن كاهل الأم.

التخلي عن حلم «كلية الطب»

«لما دخلت كلية الطب فرحت جدًا، خاصة أني قدرت أسعد ماما وأحقق حلمها اللي بتحلمه من وقت ما خلفتني، بس بعدها لقيت الحِمل تِقل قوي عليها ومش قادرين على المصاريف فقررت أحول من طب لتمريض»، قالتها «هالة»، وأنه رغم حزن والدتها لهذا القرار في البداية، فقد عادت تشاركها فرحة الدراسة في كلية طبية، مُنتظرة يوم تخرجها ومن بعده زفافها.

ومع مرور هذه السنوات الطويلة، ظلت «هالة» متذكرة لكل ما تكبدته والدتها من أجل تربيتها وتعليمها، وكيف رغم كونها أرملة مُسنة مريضة ومن ذوي الهمم، لم تُقصر في حقها أو تتوانى عن تلبية احتياجاتها قدر الإمكان، ومع كل ذلك، ظلت محتفظة أيضًا بكل مشاعر الحب والتقدير والامتنان لوالدتها، محاولة رد الجميل لها وإسعادها: «ماما هي كل حاجة في حياتي، أنا من غيرها ولا حاجة، نفسي أفرحها بأنها تتكرم على قصة كفاحها معايا.. دي واحدة محاربة سرطان وأرملة ومن ذوي الهمم، وفضلت تشتغل وتتعب لوحدها وتصرف عليا بالحلال لحد ما علمتني وخلتني ممرضة.. نفسي الدولة تكرمها علشان تعوض تعبها معايا».

«هالة»: نفسي في شقة أقعد فيها أنا وأمي متطمنين

وإلى جانب تكريم والدتها، أشارت الفتاة العشرينية إلى معاناتها ووالدتها في الحصول على سكن آمن وآدمي، موضحة أنهما وفي ظل مرض الأم، غير قادرتين على تحمُل ثمن إيجار الشقة: «إحنا اتنين ستات من غير راجل ولا سند، نفسي في شقة أقعد فيها أنا وأمي متطمنين».

اقرأ المزيد:

محرر صحفي مسؤول عن تحرير المادة الصحفية وصياغة الموضوعات.

عرض التعليقات