حكومة بحجم الجمهورية الجديدة

07:47 م | الثلاثاء 04 يونيو 2024

‎منذ أن أدى الرئيس عبدالفتاح السيسى اليمين الدستورية لبدء ولايته الجديدة كان من الطبيعى أن تتقدم الحكومة باستقالتها حتى يصدر الرئيس قراراً بتكليف حكومة جديدة تنفذ البرنامج الانتخابى الطموح الذى قطعه على نفسه ووعد به الشعب المصرى لتحقيق انطلاقة تنموية قوية يشعر بها الجميع..

وحتى نكون منصفين فقد بذلت حكومة الدكتور مصطفى مدبولى التى تقدمت باستقالتها قصارى جهدها وحققت الكثير من الإنجازات لكن لا بد من ضخ دماء جديدة خاصة فى ظل عدم رضا من البعض على أداء الحكومة السابقة لعدم سيطرتها على الأسواق بالشكل المرجو مما تسبب فى ارتفاع الأسعار بشكل أثقل كاهل المصريين، وهو ما أشار إليه الرئيس فى كثير من خطبه ولقاءاته المباشرة مع المواطنين..

نعم آن الأوان لبعض الوزراء أن يبتعدوا عن المشهد خاصة أن بعضهم دخلوا الوزارة وخرجوا منها دون أن يعرف المصريون أسماءهم ولا صورهم إذا التقوهم صدفة، وهذه إشكالية تعنى الكثير وتؤكد عدم التواصل المرجو وفقدان التلاحم مع المواطنين.. آن لبعض الوزراء الذين أخفقوا وتسببوا فى أزمات نعلمها جميعاً أن يقول لهم الدكتور مصطفى مدبولى شكراً فالمرحلة القادمة تحتاج مقاتلين يزرعون الأمل فى النفوس ويعملون ليل نهار لتحقيق آمال وأحلام المصريين فى حياة كريمة والقضاء على معوقات التنمية وتحقيق الاستقرار والازدهار..

لقد وضع الرئيس السيسى خارطة طريق للحكومة الجديدة وحدد لها الأهداف والأولويات فى بيان تشكيلها وسلط الضوء على عدد من المحددات والثوابت التى تكشف الخطوط العريضة لعمل الحكومة خلال الفترة المقبلة..

أولاً أن يكون الوزراء الجدد من ذوى الكفاءات والخبرات والقدرات المتميزة، وأن تعمل الحكومة الجديدة على تحقيق عدد من الأهداف، على رأسها الحفاظ على محددات الأمن القومى المصرى فى ضوء التحديات الإقليمية والدولية، وكان رائعاً أن يضع الرئيس ملف بناء الإنسان المصرى على رأس قائمة الأولويات، خاصة فى مجالات الصحة والتعليم، ومواصلة جهود تطوير المشاركة السياسية، وحسناً فعل الرئيس عندما أكد على الاهتمام بملفات الأمن والاستقرار ومكافحة الإرهاب بما يعزز ما تم إنجازه فى هذا الصدد خاصة أن التجربة المصرية فى القضاء على الإرهاب أصبحت حديث العالم ويتم تدريسها فى كبريات الأكاديميات والمعاهد الأمنية العالمية..

الرئيس ركز فى تكليفاته للدكتور مدبولى على مواصلة مسار الإصلاح الاقتصادى، مع التركيز على جذب وزيادة الاستثمارات المحلية والخارجية، وتشجيع نمو القطاع الخاص، وبذل كل الجهد للحد من ارتفاع الأسعار والتضخم وضبط الأسواق، وذلك فى إطار تطوير شامل للأداء الاقتصادى للدولة فى جميع القطاعات. أيضاً تطوير ملفات الثقافة والوعى الوطنى، والخطاب الدينى المعتدل، على النحو الذى يرسخ مفاهيم المواطنة والسلام المجتمعى..

نعم نحتاج حكومة كفاءات بحجم الجمهورية الجديدة التى أرسى دعائمها الرئيس عبدالفتاح السيسى.. نريد حكومة تقود البلاد فى ظروف عالمية صعبة تؤثر كثيراً على الشأن الداخلى حيث يمر العالم بحروب وصراعات واضطرابات وأزمات سياسية واقتصادية عالمية فى مقدمتها الحرب الروسية الأوكرانية والحرب الإسرائيلية على قطاع غزة وما يحدث فى دول الجوار بمنطقة الشرق الأوسط، وأعتقد أن هذه المحددات والثوابت تعكس إدراك القيادة السياسية التحديات التى تواجه الدولة فى ظل الظروف الراهنة..

ركز الرئيس على استراتيجية الدولة المصرية التى تسعى إلى بناء الإنسان والدولة معاً، فلا تقدم ولا تنمية بدون توافر متطلبات التعليم الجيد وضمان الصحة السليمة والوعى، ولأن التعليم هو الوسيلة التى تفتح الطريق لتعظيم وعى المواطن وتثقيفه، أما المقومات الصحية فهى السبيل الوحيد لأداء المهام والمسئوليات على الوجه الكامل، وتعكس أيضاً تصور الرئيس فى ظل الولاية الجديدة فى الحكم، والتى بدأت فى أبريل الماضى، وتستمر ست سنوات..

من المهم أن تتعرف الحكومة الجديدة على نبض الشارع المصرى وأن يعرف الدكتور مصطفى مدبولى ماذا يريد المواطنون من حكومته الجديدة.. ولقد رصدت خلال الساعات القليلة الماضية آمال وأحلام ومطالب المواطنين من الحكومة الجديدة أضعها أمام بصر الدكتور مدبولى وأتمنى أن تعمل حكومته الجديدة على تحقيقها..

المصريون يحلمون أن تنجح الحكومة فى السيطرة على الأسواق ومواجهة غول ارتفاع الأسعار الذى حول حياتهم إلى جحيم وجعلهم فريسة لجشع التجار فى ظل رقابة شبه معدومة أو إذا أردنا الدقة رقابة صورية للاستهلاك الإعلامى وأمام عدسات التليفزيون فقط.. المواطنون يأملون أن تتحسن أحوالهم بتعظيم الإيجابيات وتلافى السلبيات بحيث يشعرون أن هناك تحسناً فى حياتهم.. قطاع كبير من رجال الأعمال يطالبون بمشاركة أكبر للقطاع الخاص وهو أعلنه الرئيس السيسى مراراً وتكراراً لأنه لا غنى للقطاع الخاص فى دفع عجلة البناء والتنمية جنباً إلى جنب مع الدولة ويتمنى زيادة الصادرات..

ويرغب فى دفع عجلة السياحة والوصول إلى ١٠٠ مليون سائح خاصة أن مصر غنية بمقوماتها السياحية الترفيهية والعلاجية والدينية ويجب أن تعود مقصداً سياحياً عالمياً.. المواطن المصرى يطالب بإعادة تشغيل المصانع المتوقفة والمناطق الصناعية المهملة وتحقيق الوعد بالوصول إلى ١٠٠ مليار دولار من الصناعة.. المواطن يطالب الحكومة بالعمل على زيادة الدخل القومى وتوفير فرص عمل أكثر للشباب.. يريد أن يرى وزراء الحكومة الجديدة بين المواطنين فى الشارع حتى يتعرفوا عن قرب على كل المشكلات ويعملوا على حلها..

يريد أن يشعر أن الحكومة الجديدة تسعى لتخفيف الأعباء عنه وتعمل بكل قوة على تحسين مستوى معيشته وتحقيق مطالبه.. يريد زيادة مشاركة القطاع الخاص وجذب المزيد من رؤوس الأموال الأجنبية ودعم القطاع الخاص.. يريد استصلاح المزيد من الأراضى الزراعية لتحقيق الاكتفاء الذاتى وتقليل فاتورة الاستيراد.

الحقيقة أننى أثق فى قدرات الدكتور مصطفى مدبولى رئيس الوزراء الذى بذل خلال السنوات الماضية جهوداً كبيرة وتعامل بكل حرفية مع الأزمات الاقتصادية فى ظل تحديات ضخمة وظروف صعبة وما أعقب مثل هذه الأمور من ارتفاع الأسعار العالمية، وهو ما انعكس على مصر بشكل أو بآخر لكن حكومته السابقة استطاعت الوفاء بكل التزامات مصر الدولارية وسددتها فى توقيتاتها مما حافظ على مكانة مصر وسط دول العالم.

أتمنى أن ينجح الدكتور مدبولى الذى يحظى بدعم غير محدود من الرئيس عبدالفتاح السيسى فى اختيار وزراء يناسبون طبيعة المرحلة المقبلة وأن يكونوا على قدر كبير من الكفاءة والمهنية والحس السياسى الذى يؤهلهم للنجاح فى مهمتهم من أجل مصر والمصريين وأتمنى أن تحقق الحكومة الجديدة الازدهار المنشود الذى يتناسب مع متطلبات الجمهورية الجديدة ومكانة مصر العظيمة بين الأمم.

وأتمنى أن تفتح الحكومة الجديدة جسور التواصل مع المواطنين وتحصل على رضاهم فالمرحلة المقبلة تتطلب تكاتف الجميع للوصول إلى بر الأمان.

حفظ الله مصر وشعبها ورئيسها من كل سوء.