انتبهوا أيها السادة

07:08 م | الثلاثاء 28 مايو 2024

أظن أن ما أريد قوله يستوجب الاستعانة بهذا العنوان لفيلم من أروع أفلام السينما المصرية فى رأيى فى أواخر سبعينات القرن الماضى من تأليف الكاتب أحمد عبدالوهاب وإخراج جوهرة الإخراج محمد عبدالعزيز وبمساعدة العبقرى عمر عبدالعزيز.. وقد سبق لى وكتبت منذ نحو عشر سنوات مقالاً بعنوان «الانفجار السكانى قنبلة موقوتة»، وعبرت عن فزعى من الفوضى الإنجابية وقفز تعدادنا من ثلاثين مليون نسمة فى نهاية الستينات إلى نحو سبعين مليوناً الذى وصل الآن إلى مائة وعشرين مليوناً، عملاً بالشعار الهدام أن تنظيم النسل حرام لأن «كل واحد بييجى ورزقه معاه»! وقد تابعنا بأمل وتفاؤل خطة الرئيس عبدالفتاح السيسى بافتتاح عدد من المشروعات الإنتاجية العملاقة ومن أبرزها إحياء مشروع توشكى للتوسع فى الأرض الزراعية بحيث تحقق مصر الاكتفاء الذاتى من الغذاء.

 

قد نبّه الرئيس إلى خطورة استمرار الفوضى الإنجابية التى لا مثيل لها فى العالم، حيث نزيد بمعدل مليونى ونصف مليون مولود سنوياً، وهو ما يفوق تعداد بعض الدول، أى نزيد دولة سنوياً، تلتهم كافة احتياجات الإنسان من الغذاء والتعليم والرعاية الصحية والسكن والعمل وغير ذلك من الأمور.. وإذا نظرنا فيما ساد خلال العقود الأخيرة سنجد أن الدولة، إما أنها شجعت ذلك التوجه وإما أنها اتخذت منه موقف المتفرج إزاء انطلاقه المفزع. فالدولة لم تضع حداً لعدد المستفيدين فى بطاقات التموين وتقديم الدعم لهم مهما بلغ تعدادهم، وكذلك فتحت الدولة قنواتها «لرجال الدين» الذين شجعوا بشدة الإفراط فى الإنجاب ووصم أى منبه لخطورة ذلك بالكفر، علماً بأن لا أحد من هؤلاء أشار إلى قيمة وأهمية العمل وفقاً للآية الكريمة، «وَقُلِ اعْمَلُواْ فَسَيَرَى اللَّهُ عَمَلَكُمْ وَرَسُولُهُ وَالْمُؤْمِنُونَ» صدق الله العظيم.. والأكيد أن البسطاء ينحازون إلى ما يقوله الشيخ وليس ما يطالبهم به أى مسئول حكومى حتى لو كان رئيس الدولة.

 

قد بدأ التحذير من خطورة التهام الزيادة السكانية المنفلتة يتوالى فى الآونة الأخيرة، خاصة بالتنبيه إلى محدودية الأرض الزراعية والمياه بشكل خاص، فلو كان مع رجل رغيف خبز يمكنه أن يأكله وحده، ولو كان مع زوجته، سيتقاسمه، هو نصف وهى نصف، ومع طفل سيحصل كل منهم على ثلث رغيف، ولو هم أربعة لكل منهم ربع رغيف، أما لو أنهم عشرة فبالكاد ينال كل منهم لقمة واحدة.. إن قضية الانفجار السكانى تحتاج إلى حملات توعية بخطورتها والتذكير بقول الرسول الكريم «اعقلها وتوكل». وعلى حملات التوعية الإشارة إلى إهدار إنسانية الأطفال الذين يلقى بهم فى الشارع للتسول أو العمل المضنى الذى يغتال طفولتهم.

 

الأكيد أن الجدير بالاحترام هى الأسر التى تنظم الإنجاب حتى لا تعتدى على حق الأسر الملتزمة بمراعاة محدودية موارد الدولة وجريمة تجاهلها وهو ما يعد أيضاً إهداراً لحقوق الأسر الملتزمة والأدعى للتنبيه إليه، حق الأجيال المصرية القادمة فى العيش بكرامة فى وطن سمى بفجر الضمير والأمل أن تستيقظ الضمائر ولذا أقول: انتبهوا أيها السادة.