أنا الشعب لا شيء قد أعجزه.. وكل الذي قاله أنجزه

08:32 م | الخميس 21 ديسمبر 2023

لا يمكن بحال لفيلم مهما طالت مدته، ومهما كانت عبقرية صُناعه؛ ومهما كانت إمكانيات الشركة المنتجة أن يعكس كل مشاعر الناس، أو أن ينقل كل لحظة إبداع، أو أن يرصد كل مظهر نجاح فى عملية انتخابية غير مسبوقة فى نسب المشاركة وفى تنوع المشاركة وفى عدد لجان الانتخاب وفى قلة الإنفاق الدعائى، وفى التزام المرشحين، وفى الإيمان بأن مصر فوق الجميع.

لم يكن أحمد فايق، رئيس قطاع البرامج بالشركة المتحدة، يضرب الودع أو يتنبأ بالغيب، عندما قال لى قبل الانتخابات بأربعة أيام إنها ستكون فارقة فى تاريخ مصر وإنها ستكون واحدة من أهم الاستحقاقات الانتخابية التى مرت على البلد.

لكنى كنت مستغرباً من كيف جاءته كل هذه الثقة، وسط موجة عنيفة من الاتهامات والهجمات وترويج الشائعات، التى تنبت فى بيئة صعبة من غلاء أسعار، ومحيط مشتعل بالأزمات، ومستقبل إقليم يشوبه الغموض، ويحاصره التشاؤم.

كان التحدى والشغف دافعاً، فتلقفنا تكليف رئيس قطاع البرامج لإعداد خطة ترصد كل المحاور، وتتابع خطوات نعلم عناوينها لكننا نجهل تفاصيلها، فكان الاجتماع الذى ضم الزملاء: مى سمير ورشا يسرى وإنجى شكرى ومحمد عبدالتواب، أشبه بالاجتماع حول بلورة سحرية نحاول تفسير الأضواء التى تخرج منها.

ورغم تحديد المحاور ضمن خطة محددة، كان لا بد من الاستعانة بأحد المبدعين الحقيقيين الذى يملك حساً فنياً راقياً، وخبرة فى العمل على الأرض، وهو المخرج الفنان شريف مصطفى، الذى ساندنا بابتسامته التى لا تفارقه أبداً، مهما كان ضغط العمل.

توالت المفاجآت، وارتسمت علامات الاندهاش على وجوهنا جميعاً، فقد خرجت انتخابات المصريين بالخارج بصورة رائعة، وضرب المغتربون فى الكويت والسعودية والإمارات المثل فى التوافد، ثم جاءت مشاهد المغتربين فى فنلندا وسويسرا والنرويج والسويد، لتضرب المثل فى العزيمة وتحمل ظروف مناخية جليدية، ودرجة حرارة 10 تحت الصفر، للوصول لمقرات الاقتراع.

أدركت وقتها أن انتخابات الداخل ستكون بنفس الروعة، ونفس الجمال، لكن المصريين شعب بلا كتالوج، لا تعرف أبداً كيف سيفاجئك، وكيف سيدهشك، رغم أنك متوقع ذلك ومستعد نفسياً للمفاجأة.

انهالت الفيديوهات كالسيل العرم، وتوالت البيانات والمعلومات بحيث يستحيل حصرها بسهولة والبحث فى تفاصيلها، لكن فريق العمل هى كان أكثر من رائع، وعمل بجهد من أجل توثيق هذه اللحظة التى هى بالفعل فارقة فى تاريخ مصر.

لم تكن كتابة الفيلم عملاً إبداعياً، فقد كان المصريون هم المبدعين بحق، وهم الذين رسموا خطوات الفيلم، وهم الذين أبهروا أنفسهم وأبهروا العالم بإقبالهم على صناديق الاقتراع لاختيار قائدهم، فى واحد من أحلك الظروف الإقليمية والدولية المضطربة.

وبإحساس الإذاعى المخضرم طارق أبوالسعود، خرج الفيلم فى أبهى صورة وأصدق صوت، لا يحتاج الرجل شهادة منى، وفى حقيقة الأمر لا يحتاج لشهادة من أحد، على قدراته ووضوح كلماته والقدرة على التعبير عن الفكرة والإلقاء بجمال مبهر، والمرونة الممزوجة بالبراعة والثقة.

لم تبخل «المتحدة» علينا فى شىء، وهذه عادتها دائماً مع آلاف العاملين فيها، لذا فشكرها لا يعطيها قدرها، لكن ما يجب الاعتراف به هو شعور كل العاملين فيها، بالانتماء لها، الذى يتجلى فى التعاون بين شركاتها المتناغمة، وبين مبدعيها الذين يسكنون فى استوديوهاتها ومكاتبها وفى مراكز القرار فيها.