كرنفال التنمية في العلمين الجديدة

08:10 م | الثلاثاء 05 سبتمبر 2023

تظل ثورة 23 يوليو من عام 1952 هى أكثر الصفحات المضيئة فى تاريخ هذه الأمة، وبفضلها انطلقت شرارة الجمهورية الأولى التى منحت الفرصة لصناع الأمل فى أن يعيدوا كتابة تاريخ هذا الوطن، ومن بين أهم إنجازات هذه الثورة أنها منحت مصر الصدارة فى مجال يظل الأخطر فى التاريخ الحديث، وهو سلاح القوى الناعمة، تلك القوى التى يتجاوز تأثيرها حدود الدولة ومحيطها الإقليمى ليصل إلى القدرة على توجيه الرأى العام العالمى، وهذا ما برعت فيه أم كلثوم التى كانت الصوت المعبر عن الدولة المصرية وصورتها بالخارج فى كل الأوقات، وصاحبة المواقف التى دعمت الدولة فى المحن والشدائد، فحين رفعت شعار دعم المجهود الحربى عقب هزيمة 1967 استطاعت أن تجمع شتات المصريين والعرب، وتخرجهم من ظلمة الهزيمة إلى نور الأمل فى النصر، وسار على نهجها العندليب الأسمر عبدالحليم حافظ، وتوالت من بعدهما صور دعم الفنانين للدولة.

كل هذه التفاصيل تمنح ثورة يوليو مكانة خاصة فى ذاكرة المصريين، بل وتجعل من يوليو شهراً لا شبيه له بين شهور السنة، صفحة مهمة من صفحات التاريخ تسع العديد من المناسبات والافتتاحات المهمة فى مسيرة هذا الوطن، وحين يأتى افتتاح مهرجان العلمين الجديدة فى رحاب هذا الشهر فلا بد أن نتوقف أمام التاريخ والهدف المنشود.

جاء المهرجان أقرب إلى كرنفال، يعكس إيمان الجمهورية الجديدة بقوتها الناعمة، ورغبتها فى تعزيز مكانتها وتأثير مبدعيها، وإطلاق العنان لهذه القوى لخدمة أهداف التنمية، وتسليط الضوء على ما حققه المصريون من معجزة تحمل اسم مدينة العلمين الجديدة، الأرض التى كانت تحاصرها المخاطر والألغام، وتحولت فى وقت قياسى لمدينة تصدح بالنغم ومظاهر الترفيه، فضلاً عن المشروعات الصناعية والتعليمية التى تجعل منها واحة تنمية عالمية.

13 يوليو 2023 كان نقطة انطلاق فعاليات مهرجان العلمين، التاريخ لم يأت مصادفة، فالتحضير لهذا الحدث بدأ قبل انطلاقه بشهور، والقائمون على المهرجان عقدوا العديد من الاجتماعات التى حضرها وزراء ومشاهير ومبدعين من مختلف المجالات.

كان الهدف المحدد، وفق تصريحات عمرو الفقى، الرئيس التنفيذى والعضو المنتدب للشركة المتحدة للخدمات الإعلامية، أن يشارك فى المهرجان نخبة من الفنانين والموسيقيين والمبدعين والرياضيين على مدار موسم الصيف، لتقديم تجربة صيفية فريدة على ساحل البحر المتوسط.

وأضاف أنه من المستهدف أن يستقبل المهرجان مليون زائر من جميع أنحاء الوطن العربى، لتصبح مدينة العلمين الجديدة من أفضل الوجهات فى العالم، ويضعها المهرجان على خريطة السياحة العالمية، كما تستهدف فعالياته الترويج للفرص الاستثمارية المتنوعة بالمدينة؛ ما يسهم فى زيادة معدلات النمو الاقتصادى وتوفير المزيد من فرص العمل.

جاءت أنشطة المهرجات وفعالياته على القدر الذى يليق بقوة مصر الناعمة ومكانتها ورصيدها المتميز فى ساحة الإبداع، هذا الرصيد التاريخى الذى يجعلها القبلة الأولى للفنون، والمنارة القادرة على جذب كوكبة متنوعة من النجوم تلاقى قبول مختلف الفئات والأعمار، فالجميع يدرك أن الوقوف على أرض الكنانة له بريق مختلف، وصداه لا يمكن بلوغه من أى وجهة أخرى.

هنا فى العلمين الجديدة احتشد الآلاف من مختلف الجنسيات فى انتظار حدوتة مصرية جديدة، يشارك فى كتابتها نجوم تختلف جنسياتهم لكنهم يجتمعون على محبة وتقدير هذا البلد، ويؤمنون بقدره ومكانته.

بدأ المهرجان بحدث رياضى ضخم لمشاهير الرياضة، تضمن بطولة لكرة القدم الشاطئية وأخرى لرياضة «تيك بول» بحضور بطلة العالم لـ«تك بول» (ناتاليا جيتلر) ومشاركة أكثر من 40 نجماً من نجوم الرياضة على المستوى المحلى والأجنبى، بالإضافة إلى أكثر من 20 حفلاً موسيقياً وغنائياً لعدد كبير من نجوم الوطن العربى، أبرزهم: الموسيقار الكبير عمر خيرت، والنجوم: تامر حسنى، أحمد سعد، راغب علامة، نانسى عجرم، مدحت صالح، ريهام عبدالحكيم، كارول سماحة، بهاء سلطان، إليسا، تامر عاشور، محمد منير، حميد الشاعرى، أنغام، حكيم، مسلم، رضا البحراوى، على قنديل، محمد محسن، شارموفرز، محمد عدوية، محمود الليثى، كايروكى، والنجم العالمى RUSS، واختتم النجم ويجز المهرجان بحفل كبير.

كان من بين أهم الفعاليات التى شهدها مهرجان العلمين الجديدة، هى فعاليات الدورة الثانية من مهرجان القاهرة للدراما الذى تنظمه الشركة المتحدة للخدمات الإعلامية ونقابة المهن التمثيلية، والذى أقيم بالتزامن مع الحفل الأول لجوائز STARSCAPERS، وشهد المهرجان أيضاً بطولات البادل، والجودو، والكرة الطائرة، بالإضافة إلى حدث الموضة الضخم الذى تضمن العديد من الفعاليات.

هنا فى العلمين الجديدة لا بد أن يكون الحضور مختلفاً بقدر الهالة التى صنعها المكان، هنا كان حفل الكينج محمد منير له مذاق مختلف، فغناؤه يليق به وبهذا الوطن، الذى احتفى بتجربته ومسيرته الفنية لأنه جزء من الحدوتة المصرية.

هنا فى العلمين الجديدة بدت أنغام أكثر حيوية، ووقفت على المسرح فى شموخ من يدافع عن جذوره الفنية وتجربته المحفورة فى قلوب وعقول عشاقه.

هنا فى العلمين كان ظهور أى نجم يعنى ليلة استثنائية وعامرة بباقة من الغناء للوطن قبل الجمهور، ليلة يرتوى خلالها العطشى لصوت الفن، وتفتح شهيتهم لليالٍ أخرى لن تكون أقل جمالاً.

جاءت حفلات وفعاليات مهرجان العلمين على قدر ما يشتهى محبو الفنون، ومحبو هذا الوطن، لكن يبقى من بين أهم نتائج هذا المهرجان هو إعلان الشركة المتحدة للخدمات الإعلامية عن التبرع بعائداته المالية لصالح مشروعات المبادرة الرئاسية «حياة كريمة» لتطوير الريف المصرى، وهو ما يؤكد رسالة المهرجان وأهدافه التى تدور فى فلك استعادة بريق القوة الناعمة المصرية، وتطويرها، ليصبح الفن فى خدمة المشروعات القومية وجهود التنمية المنشودة.