حتى تكتمل الصورة.. الدلتا الجديدة (25)

09:27 م | الأربعاء 08 فبراير 2023

يمكن الحديث منفرداً عن مشروعات زراعية عديدة فى مصر ليس أولها المليون ونصف المليون فدان، بانتشاره الواسع على أرض مصر، من قرية الأمل إلى المنيا إلى العوينات وغيرها من أماكن، رغم كثافة وجوده فى صعيد مصر.. كما يمكن الحديث -وسيكون فى حلقة قادمة بإذن الله- عن الصوب الزراعية وعن النصف مليون فدان فى سيناء التى تحقق فيها الزراعة هدفاً مزدوجاً.. الزراعة فى ذاتها وحلم تنمية سيناء وتعميرها.

لكن تبدو حيثيات اختيار مشروع «الدلتا الجديدة» منطقية.. من حجم الإنجاز على الأرض وهو كبير يجعل الكتابة عنه مطمئنة على مشروع يسير بخطوات كبيرة وثابتة.. إلى أهميته وتخطيطه والطموح الكبير فيه.. فليس سهلاً زراعة مليون وربع المليون فدان «حتة واحدة»، ولا يمكن التخطيط لباقى المساحة التى تكمل المليونى فدان تخطيطاً صناعياً سكانيا إلا إذا توفرت إرادة كبيرة لذلك.

خصوصا أن الأرض ليست على ضفاف النيل ولا فى جنوب مصر، لكن تتوفر إرادة التخطيط التى تتبعها توفير الموارد وهذا عمل كبير كبير..فكثيرون لا يعرفون أن مشروع الدلتا الجديدة ينقسم إلى مشروعين على امتداد متصل وليس مشروعاً واحداً، الأول هو «مستقبل مصر»، والثانى هو «جنوب محور الضبعة» كتسمية وضعتها جغرافيا المشروع وموقعه.

الأول وهو مشروع «مستقبل مصر»، يقع أعلى امتداد طريق محور «روض الفرج - الضبعة» الجديد، وهو الطريق الكبير الذى أنجز فى زمن قياسى ضمن المشروع القومى للطرق، والذى يبعد نصف ساعة تقريباً عن مدينة السادس من أكتوبر.. مساحة «مستقبل مصر» تبلغ نصف مليون فدان بالتمام والكمال.

تم الانتهاء فعلياً من زراعة مساحة تتجاوز الـ300 ألف فدان من خلال استغلال المياه الجوفية المتاحة بالمنطقة بعد تعديلها ومعالجتها كمياه صالحة للرى الزراعى، وذلك باستخدام 1600 جهاز ري محوري مطور على أن تتم زراعتها مرتين سنوياً فى الموسمين الصيفى والشتوى، حيث تأمل إدارة المشروع بإعدادها لتنتج أجود المحاصيل الزراعية بإجمالى استثمارات 5 مليارات جنيه!

أما المشروع الثانى وهو «محور جنوب الضبعة» فيستهدف استصلاح وزراعة 700 ألف فدان (ثلاثة أرباع المليون فدان)، ويقام المشروع بمنطقة جنوب محور الضبعة غرب المشروع الأول بالقرب من الدلتا القديمة، وهو بذلك يكون على التماس بشبكة الطرق والموانئ القائمة أو القديمة، سواء البحرية أو البرية أو الجوية، ويربط بين الحدود الإدارية لمحافظات مطروح والبحيرة والجيزة.

وهو ما يعنى الاستفادة من وجودها فى الحركة من وإلى المشروع! يبقى مشروع جنة مصر المستهدف منه استصلاح 64 ألف فدان، وتم الحمد لله الانتهاء من تنفيذه بنسبة 100%! الدراسات أثبتت أن أكثر من 90% من المساحة صالحة لزراعة المحاصيل الاستراتيجية وتبلغ 500 ألف فدان، وعلى رأسها القمح والذرة الصفراء والبقوليات ومحاصيل الخضر وأنواع مختلفة من الفاكهة، سيتم الانتهاء من محطة عملاقة طاقة 6 ملايين متر مكعب يوميا، لمعالجة مياه الصرف الزراعى لاستغلالها مرة أخرى وتوفير المياه اللازمة للمشروع!عدة قطاعات فى المشروع ببذل فيها جهداً خرافياً.

فمثلا القطاع الزراعى يمتد بطول 56 كيلومتراً من خلال 41 عملاً صناعيا وسحارتين وعدد 10 كباري سيارات و10 كبارى مشاة، أما القطاع المائى فيمتد بطول 50 كيلومتراً من خلال 4 «بربخ» وسحارتين و13 كوبرى سيارات وخمسة للمشاة.

أما القطاع الصحراوى فيمتد بطول 43 كيلو بـ13 عملاً صناعيا، وبربخ واحد و6 كبارى سيارات و4 هدارات ومفيض واحد! أما محور الشمال فتمتد فيه مسار الترعة بطول 170 كيلومتراً منها 146 كيلو مكشوفة، و22 كيلومتراً مجرى من خلال مواسير، فضلاً عن 13 محطة رفع بنسبة تنفيذ تجاوزت الـ50% و81 عملاً صناعياً بنسبة تنفيذ 28%، وإجمالى مواسير بطول مائتى كيلو بنسبة تنفيذ 40% و150 كيلومتراً «حفر مكشوف» بنسبة تنفيذ 60% تقريبا، ومحطة معالجة الحمام بنسبة تنفيذ 71%!

وهكذا نقف أمام مشروع ضخم جداً جداً.. فى مساحة تقترب من ثمانية آلاف كيلومتر مربع، أى تعادل تقريباً مساحة ثلثى إقليم الدلتا القديمة التى تزيد قليلاً على 12 ألف كيلومتر تقريباً! منها ما يقل عن المليون تقريباً تخطيط مدنى لمصانع الصناعات الغذائية ومحطات المياه والكهرباء والرى والطرق، فضلاً عن مشروعات إسكان تستوعب فى البداية مهندسى المشروع وعمال المصانع ثم باقى المواطنين، وأولهم موظفون سيعملون فى مهام أخرى تخص المشروع مثل المدرسين مثلاً!الحديث عن مشروع الدلتا الجديدة تحديداً بما له من أهمية قصوى.. سيغير شكل شمال مصر، بل مصر كلها، وبما يستحق معه الحديث عنه أى وقت.